توقيت القاهرة المحلي 04:39:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التقشف أولًا

  مصر اليوم -

التقشف أولًا

بقلم-عماد الدين حسين

إذا كنا نعانى من أزمة اقتصادية خانقة.. فهل نحن، شعبا وحكومة، نمارس التقشف فعلا؟!
هذا السؤال أسمعه كثيرا هذه الأيام، وآخرها يوم الأحد الماضى من شخصية مرموقة ذات خبرة واسعة. لم أسارع بالإجابة وقتها، لكن ما أشاهده على أرض الواقع يقول إننا لا نزال بعيدين عن التقشف بمعناه الحقيقى وليس المظهرى.
يفترض أن تتخذ الحكومة قرارا بين لحظة وأخرى بزيادة أسعار الوقود، فى إطار عملية الإصلاح الاقتصادى الشاملة التى بدأتها فى ٣ نوفمبر ٢٠١٦، بتعويم الجنيه أمام العملات الأجنبية، وهى رفعت بالفعل أسعار تذاكر المترو والمياه والصرف الصحى فى الأيام الماضية.
تقول الحكومة ــ وأنا أتفهم وجهة نظرها ــ إن هذه القرارات حتمية ولا بديل عنها، حتى لا تتفاقم المشكلة.
لكن وإذا كان على الشعب أن يتحمل، ويتناول «هذا الدواء المر»، فهناك دواء مر ينبغى أن تتجرعه الحكومة وأجهزتها ومؤسساتها أيضا، وهو التقشف الشديد، ومن دونه لن يقتنع الشعب بأى مبررات للزيادة، حتى لو كانت حقيقية.
أفضل دعاية تقوم بها الحكومة لكى يتقبل الناس الزيادات المرتقبة ــ إضافة بالطبع لحزمة الحماية الاجتماعية ومقاومة الفساد بلا هوادة ــ، هى أن تتبنى فعلا عملية تقشف صارمة وواسعة ومستمرة، وليست مظهرية وجزئية ووقتية.
مطلوب قرارات عاجلة وسريعة بتطبيق إجراءات التقشف فعلا. تخيلوا حينما يرى موظفو وزارة أو مؤسسة أو هيئة عامة، الوزير أو وكيل الوزارة أو رؤساء الشركات، وكبار العاملين يمارسون حياتهم بتقشف.. ألن يكون ذلك أفضل وسيلة للاقناع؟. وتخيلوا فى المقابل حينما يروا المواكب والسيارات الفارهة والإنفاق الباذخ من المال العام.. فكيف سيصدقون أن هناك أزمة اقتصادية فى البلد، ومطلوب من المواطن أن يتحمل ويصبر؟!.
كيف يمكن تصور أن تكون الحكومة جادة فى الإصلاح فى حين أنها تصرف أرباحا للعديد من الموظفين التى تحقق شركاتهم ومؤسساتهم خسائر متواصلة؟!. طبعا هى تقول إنها مغلوبة على أمرها، وتخشى من ردود فعل اجتماعية واسعة من هؤلاء العمال والموظفين، حسنا.. لكن أليس هناك طريقة لوقف هذا الهدر الذى يتحمله فى النهاية ملايين المواطنين الذين نطلب منهم أن يتقشفوا؟!.
أمر جيد جدا أن نسمع ونقرأ يوميا عن العديد من عمليات الفساد التى تضبطها أجهزة الدولة المختلفة وفى مقدمتها الرقابة الإدارية.. لكن مطلوب من الحكومة أن نتخذ إجراءات حاسمة فى وقف النهب والهدر المنظم فى القطاع العام والحكومى والمشترك، والذى يتم للأسف أحيانا بسبب قصور التشريعات ومناخ عام من غياب المحاسبة، إضافة إلى ضرورة مناقشة كيف يمكن لأجهزة الحكومة أن تحصل الضرائب بصورة كاملة، خصوصا من كبار الأغنياء وليس فقط صغار الموظفين من المنبع.
هناك تجربة مهمة رأيتها بنفسى فى الصين، صاحبة أكبر معدل نمو وأفضل اقتصاد عالمى. كنت هناك فى شتاء العام الماضى برفقة مجموعة من رؤساء ومديرى التحرير بالصحف المصرية، فى ضيافة جامعة بكين للدراسات الحكومية. وأثناء تناول الغداء قالوا لنا: «نعتذر لأن الوجبة لن تكون فاخرة، فالقوانين تحتم علينا ألا يزيد سعرها للضيف الأجنبى عن خمسة دولارات وكوب من الشاى الأخضر، فى إطار خطة للتقشف تشمل أيضا إلزام المسئولين بالتنقل فى سيارات عادية، والسفر على الدرجة الاقتصادية والنزول فى فنادق بسيطة توفيرا للنفقات».
حينها كتبت عن هذه التجربة، وقلت هذا ما فعلته الصين بجلالة قدرها، السنا نحن اولى بهذه الاجراءات؟!.
اليوم أكرر نفس السؤال، وأدعو الحكومة ومؤسسة الرئاسة إلى اتخاذ خطوات جريئة فى هذا الملف. لو تم تطبيق ذلك، فسوف يتحمل المواطنون أى إجراءات صعبة، لأنهم وقتها سيدركون فعلا أن الجميع «فى الهوا سوا»، أو «كلنا فى الهم شرق»، وأن كأس الإصلاح المر سيتجرعه الجميع، وليس الفقراء فقط.

نقلا عن الشروق

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التقشف أولًا التقشف أولًا



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:37 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين
  مصر اليوم - مكون غذائي يساعد في تسريع تعافي العضلات بعد التمرين

GMT 00:02 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي تعود بعد 7 سنوات بمية دهب
  مصر اليوم - هيفاء وهبي تعود بعد 7 سنوات بمية دهب

GMT 05:51 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

سامسونغ تطلق نسخة جديدة من "جلاكسي فولد" القابل للطي

GMT 11:37 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات قاتلة طفليها في محافظة الدقهلية

GMT 21:22 2019 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل وفاة 35 معتمرًا وإصابة 4 إثر حادث "مكة"

GMT 00:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

رانيا يوسف تنتظر استدعاء النيابة بشأن الفيديو الإباحي

GMT 09:30 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن سلمان يلتقط صور"سلفي" في "الفورميلا أي"

GMT 07:39 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"جزر السيشل" في المحيط الهندي جنة لعشاق الطبيعة

GMT 19:26 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

طبال يبيع زوجته لـ"ثري عربي" مقابل 2000 ريال

GMT 20:52 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

المطربة ساندي تتعرض للإصابة خلال تصوير "عيش حياتك"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon