توقيت القاهرة المحلي 02:14:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قبل أن تغلق دور النشر أبوابها!

  مصر اليوم -

قبل أن تغلق دور النشر أبوابها

بقلم - عماد الدين حسين

هل الحكومة جادة فعلا فى دعم الثقافة، وهل هى تريد حقا أن يكون الشعب متنورا وواعيا، حتى يصد الهجمات المستمرة للتطرف والمتطرفين؟!
السؤال السابق ليس استنكاريا ساخرا، بل استفهاميا جادا، والسبب هو الكم الهائل من الصعوبات والعراقيل والتعقيدات، التى صارت تحيط بالكتاب، من كل الجوانب، من أول الصناعة ونهاية بالنشر، ومرورا بحماية حقوق الملكية الفكرية.

المفترض أن الكتب معفاة من ضريبة القيمة المضافة، وهو قرار سليم من الحكومة، لكن المشكلة الاكبر أن كل المحلات داخل المولات ومراكز التسوق الكبرى تخضع لهذه الضريبة سواء كانت تبيع الشاورما والخردة أو الكتب والانتاج الثقافى!
قد يقول البعض، وما هى المشكلة، طالما أن عدد المكتبات فى هذه الأماكن قليلة؟
شخصيا سألت هذا السؤال للمهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس ادارة أكبر دار نشر فى المنطقة العربية وهى الشروق.

المعلم قال لى أولا: الاتجاه العالمى هو وجود المكتبات فى المولات الكبرى، باعتبار أن الناس تلتقى فيها وتقضى هناك أوقاتا طويلة، وبالتالى فالمفترض أن نوفر لهم الكتب مثلما نوفر لهم المأكولات والملابس وسائر أنواع الخدمات.

وتدليلا على هذا الاتجاه فإن فروع دار الشروق صارت كلها فى المولات ومراكز التسوق، باستثناء فرعين فقط خارجها.

أما المشكلة الأكبر فهى أن أصحاب المولات، خصوصا إذا كانوا غير مصريين، يصرون على تحصيل الإيجار من أصحاب المكتبات بالدولار. كان الأمر محتملا حينما كان سعر الدولار ثمانية جنيهات، وبعد قرار تحرير وتعويم الجنيه فى نوفمبر ٢٠١٦، اصبح الأمر صعبا جدا على أصحاب المكتبات، حتى لو كان بعضهم يسدد هذا الإيجار بالجنيه المصرى، لكنه مقوم بالدولار الذى قفز سعره إلى ١٨ جنيها.

من يملك محلا للملابس أو المأكولات أو أى نوع من التجارة قام بزيادة أسعار سلعته طبقا لنسبة الزيادة أو اكثر، التى حدثت بعد التعويم أو الرفع الدورى لأسعار الوقود.

المشكلة أن صاحب المكتبة لا يستطيع أن يرفع أسعار الكتب بنفس النسبة أو الطريقة. وبالتالى فهو أمام احتمالين كلاهما مر: إما أن يبيع بأسعار عالية ولا يجد القراء المشترين، أو يتحمل ويخسر حتى يفلس ويغلق مكتباته!.
هذه هى الصورة، والسؤال كيف يمكن الخروج من هذه الدوامة؟!
إذا كانت الحكومة أعفت الكتب من ضريبة القيمة المضافة أليس من الأفضل، ولكى تكمل جميلها، أن تعفى أى مكان يبيع الكتب من هذه الضريبة؟!
هذا الأمر فى يد الحكومة، لان حصيلة هذه الضريبة تذهب إلى خزينتها، وبالتالى يمكنها أن تبرهن فعلا على تشجيعها للكتب.

هناك اقتراح آخر يمكن للحكومة أن تشجع به الكتب وهو دعم شراء المدارس والمكتبات العامة للكتب من دور النشر، ويكون ذلك عبر تزويد المكتبات بالكتب الحديثة أولا بأول، حتى يتاح للتلاميذ والطلاب القراءة والإطلاع. لو تم ذلك فإنه يمثل فرصة كبيرة للمبيعات فى ظل وجود آلاف المدارس فى النجوع والقرى والبنادر والمراكز.

يقول بعض المسئولين: «ليس لدينا أموال كافية لنشترى الكتب، ولو توافرت النقود فهناك أوجه صرف أكثر أهمية»!. حسنا إذا كان هذا المنطق سليما، فهل تعليم التلاميذ القراءة والإطلاع وتحسين لغتهم العربية أقل أهمية، خصوصا أننا نعرف جميعا أن مستوى غالبية تلاميذنا وطلابنا «يصعب على الكافر» فى اللغة العربية، كما أن مستوى طلاب المدارس الأجنبية أفضل كثيرا فى اللغة الإنجليزية مقارنة بالعربية!
تحتاج الدولة أن تشجع كل المكتبات ودور النشر العامة والحكومية والخاصة للنهوض بالقراءة باعتبارها ركنا أصيلا فى القوة الناعمة الشاملة للدولة.

كما يفترض ان يخضع تصميم وطبع الكتب الدراسية لمنافسة عادلة بين جميع دور النشر العامة والخاصة، وليس بالامر المباشر، حتى نضمن افضل الاسعار، والاهم افضل المناهج وأكثرها تطورا شكلا ومضمونا.

قال لى أحد كبار الناشرين: «والله لا رأيد ان أكسب، أريد فقط أن أغطى المصاريف، حتى أدفع أجور الموظفين والعاملين وحقوق المؤلفين وإيجار المقرات وفواتير المياه او الكهرباء، اما استمرار هذا الوضع، فسيدفع كثيرين إلى الاغلاق والإفلاس، لأنه ليس منطقيا الاستمرار فى تجارة خاسرة بهذه الطريقة، خصوصا لدور النشر التى تحترم نفسها وتتعامل مع هذه الصناعة بالقواعد المهنية والقانونية السليمة.

يختم كلامه بقوله: «هناك مشكلة أكبر اسمها «تزوير الكتب» وتلك جريمة مكتملة الأركان، تستفيد منها مجموعة من اللصوص والمتواطئين معهم، على حساب دور النشر والمؤلفين، والأهم صناعة النشر بأكملها، وهذا حديث أمره يطول، قد اعود اليه لاحقا، ان شاء الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قبل أن تغلق دور النشر أبوابها قبل أن تغلق دور النشر أبوابها



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
  مصر اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 21:40 2019 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

هزة أرضية بقوة 6.5 درجات تضرب إندونيسيا

GMT 02:54 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

خبراء يكشفون عن مخاطر تناول العجين الخام قبل خبزه

GMT 23:10 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

نادي برشلونة يتحرك لضم موهبة "بالميراس"

GMT 07:26 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

حسابات التصميم الداخلي الأفضل لعام 2019 عبر "إنستغرام"

GMT 06:56 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

أب يُصاب بالصدمة بعدما استيقظ ووجد ابنه متوفيًا بين ذراعيه

GMT 11:35 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تشيزني يبيًن ما دار مع رونالدو قبل ركلة الجزاء هيغواين

GMT 09:16 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زوجة المتهم بقتل طفليه "محمد وريان" في المنصورة تؤكد برائته

GMT 17:55 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

فستان ياسمين صبري يضع منى الشاذلي في موقف محرج
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon