توقيت القاهرة المحلي 07:33:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مواقف مع شريف إسماعيل

  مصر اليوم -

مواقف مع شريف إسماعيل

بقلم-عماد الدين حسين

الآن وقد خرج المهندس شريف إسماعيل من منصبه كرئيس للوزراء، فليس هناك حرج فى الحديث عن شخصه.
هو رجل هادئ جدا خفيض الصوت، لا ينفعل بسهولة. فى إحدى المرات التى قابلته فيها لفت نظرى أنه يمسك بقلم رصاص، ويسجل رءوس نقاط على أوراق صغيرة منمقة، والقلم كان به ممحاة، ويقوم بمسح بعض النقاط وكتابتها من جديد. يفعل كل ذلك، وكنا ستة من رؤساء التحرير نتحدث، وهو يستمع فى هدوء وصمت، منتظرا انتهاء كلامنا ليقوم بالرد والتوضيح. 

فى لقاء آخر، جلسنا معه فى صالون صغير ملحق بمكتبه، قبل أن نبدأ الحوار، وكان أيضا عن الإصلاح الاقتصادى. وسألنا يومها عن أسعار ساندويتشات الفول، فأدلى كل منا بالسعر السائد فى منطقته، وحكيت يومها عن مطعم الفول الموجود فى العمارة الملاصقة لمجلس الوزراء مباشرة فى محطة التعاون بشارع قصر العينى.

الرجل منظم فى حديثه، وأفكاره مرتبة، ولم يضبط منفعلا من دون وجه حق، لا يجرى وراء الكاميرات. وكان مقلا فى حواراته الخاصة لوسائل الإعلام، رغم تقديره الكامل للإعلام. 
هو نموذج جيد للوزير الفنى التكنوقراطى القادم من حقل البترول والغاز. هو «وش السعد» على السيسى وعلى مصر، فهو الرجل الذى دخل على الرئيس ومعه رئيس شركة إينى الإيطالية كلاوديو سكاليزى ليقول له البشرى الكبرى الخاصة بالاكتشاف الضخم للغاز الطبيعى فى حقل ظهر. 
أظن أن هذه كانت نقطة تحول كبرى فى زيادة تقدير الرئيس لهذا الرجل. يومها كانت المصاعب الاقتصادية المحيطة بمصر كثيرة، وكذلك الضغوط من الخارج كثيرة، وحتى من بعض الأصدقاء الذين استخدموا «كارت»« المساعدات النفطية للضغط علينا كى نتنازل فى ملفات أخرى. ولذلك كان اختيارا طبيعيا وموفقا أن يكون شريف اسماعيل رئيس وزراء مصر فى مرحلة الاكتشافات الكبرى فى الغاز والاتفاقيات الواسعة عن التنقيب واستعادة ثقة الشركات الأجنبية بعد تسديد معظم مستحقاتها، استعدادا لمرحلة جديدة قد تحقق معالجة عجز الموازنة وزيادة الاستثمارات وفرص العمل.
قبل حوالى العام كان رئيس الجمهورية يتفقد بعض أجنحة مستشفى القبة العسكرى. وكنا ننتظر انتهاء الرئيس من جولته. كنت أقف مع وزير الداخلية اللواء مجدى عبدالغفار، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية اللواء محمد عرفان، ووزير الإنتاج الحربى اللواء محمد العصار وياسر رزق رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم. مر رئيس الوزراء من أمامنا محييا، وبعد ثوان قليلة كاد يفقد توازنه، فأسرعنا إليه جميعا، قبل أن يقع. وتم نقله بسرعة إلى وحدة القلب التى كنا نقف أمامها. 
فى هذا اليوم انتظر رئيس الجمهورية لمدة أكثر من ساعة بعد نهاية الجولة حتى يطمئن على صحة رئيس الوزراء الذى خرج ليقول لنا إنه بخير.
قابلته للمرة الأخيرة وهو بمنصبه خلال الندوة التثقيفية الأخيرة التى عقدت فى مركز المنارة بالقاهرة الجديدة قبل حوالى شهر وتحدثت معه بسرعة وطرحت عليه أن يعيد إحياء اللقاء الدورى مع رؤساء تحرير الصحف، خصوصا أن الموضوعات المطروحة على الساحة كثيرة، وبالأخص القضايا الاقتصادية والخدمية. يومها رحب الرجل وقال لى: «إن شاء الله نبحث الأمر بعد نهاية شهر رمضان».
من سيكتب عن الحكومات المصرية، سوف يتوقف طويلا عند شريف إسماعيل، وأن حكومته كانت الأكثر جرأة فى اتخاذ العديد من القرارات الاقتصادية الصعبة جدا، والتى ترددت حكومات كثيرة منذ عام 1977 عن اتخاذها، واقتراح قوانين طال انتظارها مثل الخدمة المدنية والتأمين الصحى وغيرها.
لا يعنى ذلك أن حكومته كانت كلها مجموعة من الملائكة، بل ارتكبت أخطاء أيضا ولم توفق فى بعض السياسات أو التوجهات.
لكن اليوم أتحدث عن التقييم فى إطار الظروف الصعبة التى عمل فيها شريف إسماعيل، وفى إطار أن هناك رئيسا أعلى للسلطة التنفيذية، هو رئيس الجمهورية الذى كان يتعامل بكل تقدير مع رئيس الوزراء.
كل التحية والاحترام لشريف إسماعيل.. وكل التمنيات الطيبة بأن يتمتع بحياة هادئة وصحة مستقرة مع أسرته ومحبيه.

نقلا عن الشرق الاوسط 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مواقف مع شريف إسماعيل مواقف مع شريف إسماعيل



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
  مصر اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 21:40 2019 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

هزة أرضية بقوة 6.5 درجات تضرب إندونيسيا

GMT 02:54 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

خبراء يكشفون عن مخاطر تناول العجين الخام قبل خبزه

GMT 23:10 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

نادي برشلونة يتحرك لضم موهبة "بالميراس"

GMT 07:26 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

حسابات التصميم الداخلي الأفضل لعام 2019 عبر "إنستغرام"

GMT 06:56 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

أب يُصاب بالصدمة بعدما استيقظ ووجد ابنه متوفيًا بين ذراعيه

GMT 11:35 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تشيزني يبيًن ما دار مع رونالدو قبل ركلة الجزاء هيغواين

GMT 09:16 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زوجة المتهم بقتل طفليه "محمد وريان" في المنصورة تؤكد برائته

GMT 17:55 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

فستان ياسمين صبري يضع منى الشاذلي في موقف محرج
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon