توقيت القاهرة المحلي 12:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المدرسة

  مصر اليوم -

المدرسة

بقلم - عمر طاهر

بداية من سن السابعة يسمع الواحد أهله وهم يقولون له بكل حماس صادق: «إنت خلاص دلوقتى بقيت كبير»، بما يعنى ضمنياً أنك تعلمتَ وأصبحتَ تفهم كل شىء وتجاوزتَ جهل الطفولة.

لكن بالوقت يتمنى لو كان سقف هذه الجملة هو سن السابعة، فالتعلُّم لم يتوقف يوماً واحداً، وسمعت أحد المدرسين صغيراً يقول ما معناه: «فى المدرسة تتعلم ثم تخوض الامتحان، فى الحياة ستخوض الامتحان أولاً ثم تتعلم»، هذا وجه آخر للموضوع.

المدرسة مستمرة، ولم يحدث أن استقر فى يقين الواحد أنه «خلاص دلوقتى بقيت كبير»، ويرى فى كل شىء درساً.

مثلاً مع كل كتاب جديد يضيفه الواحد إلى مكتبته من المفترض أن يزهو بثقافته وعلمه، لكن الكتاب الجديد بالنسبة لى هو دليل على حاجتى للمزيد من التعلُّم، أضعه فوق الرف وكلى خجل، كلما مررت بمكتبتى أضع عينى فى الأرض خجلاً من كَمّ الكتب التى لاتزال «بِقَفْلتها»، وأحاول فى قرارة نفسى أن أتعلم منها «صمت العارفين».

أحاول أن أتعلم من نجيب محفوظ أن الكتابة تعالج كل شىء، ولو كان طعنة فى الرقبة بالسكين، أن أتعلم من مجدى يعقوب جرأة الإيمان بأن النجاح من الممكن أن يتحقق بعيداً عن العاصمة.

أن أتعلم من سعد زغلول أنه حتى لو استقر بداخل الواحد يقين «مفيش فايدة» فإن هذا لا يمنع الاستمرار فى المحاولة حتى آخر العمر، أن أتعلم من الشاعر فؤاد حداد أن «البساطة فى منتهى الأُبهة»، أن أتعلم من الشيخ مصطفى إسماعيل أن أكون خفيفاً بلا «نفس»، كان الشيخ مصطفى قد أصبح مقرئاً ذائع الصيت صاحب أجر عالٍ، ثم فوجئ بالشيخ محمد رفعت يستدعيه ويطلب منه أن يراجع قراءته على يد أحد المشايخ الكبار لأنه يشعر بخلل ما فيما يقدمه، لم يُثقل نجاح الشيخ «مصطفى» روحه، توقف عن النجاح وعاد ليتعلم حتى رضى عن أدائه الكبار.

أن أتعلم من فنانة بقيمة «شادية» القدرة على التخلص من أذرع أخطبوط الحياة والشهرة وامتلاك القوة التى تجعل الواحد يقول بثبات لكل هذه الإغراءات: «شكراً سلامو عليكم»، أن أتعلم من سيد درويش قدرته على التقاط الفن، فعندما كانت الدعارة رسمية فى مصر كن المشتغلات بها يذهبن كل فترة لتوقيع الكشف الطبى وهن غارقات فى الخوف من أن يفشلن فيه وتضيع منهن رخصة أكل العيش الوحيد الذى يعرفنه، وعندما يجتزن الاختبار بنجاح يخرجن فرحات يغنين فوق العربة الكارو: «سالمة يا سلامة.. روحنا وجينا بالسلامة»، التقط سيد درويش من هذا البؤس الإنسانى، وبتسامح نادر، ما جعله يصنع أغنية خالدة تحمل الاسم نفسه.

كانوا يحمسوننا قديماً قائلين: «بكرة تخلَّص تعليم وتخرج للدنيا»، خرج الواحد إلى الدنيا ولم يتوقف التعلُّم، التعلُّم غريزة، وكل شىء فى الكون يصلح «أستاذاً»، ومؤخراً أحاول أن أتعلم من طفلتى ذات الثلاثة أعوام ثقتها فى نفسها وهى تجرى فى طرقة البيت وترفرف بذراعيها القصيرتين قائلة بيقين حقيقى: «إحنا عصافير.. إحنا عصافير».

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدرسة المدرسة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon