بقلم - عمر طاهر
عزيزى توم هانكس..
آسف، لم أكن فى شرف استقبالك عندما وصلت الغردقة، منذ أيام، كنت مشغولا بتأمل سيناريو ما بعد فوز المرشح المنافس فى انتخابات الرئاسة. ولا تندهش، مفيش حاجة كبيرة على ربنا، والمعجزات واردة، ولدينا فى التراث القصة الشهيرة بتاعة «السلحفاة السافلة والأرنب المغرور»، كانا قد اتفقا على سباق، وأجمعت حيوانات الغابة كلها على كون السباق محسوما للأرنب الذى اطمأن، وقرر أن يأخذ «تعسيلة» استغلتها السلحفاة مجتهدة فى العمل بدأب، ففازت بالسباق.
وبعيدا عن الأساطير، ألَيس واردا أن يتكاسل مؤيدو رئيس الجمهورية عن النزول بمبدأ «ما هو كده كده ناجح»، وفى الوقت نفسه ينظم «أهل الشر» (حسب تعبير الدولة) أنفسَهم، ويهجمون على الصناديق داعمين المرشح المنافس، فى ظل أجواء نثق بشفافيتها ومراقبين وقضاة على مستوى نزاهة الحدث، الأمر الذى يجعل نجاح المنافس سهلا؟!
كل شىء وارد، والقدر تفاصيله عجيبة، وزمان سألوا سيدة فقيرة: «بتصرفى من فين؟»، فقالت: «لو كل واحد عرف هو بيصرف من فين ماكنش حد غلب»، فتوقع أى شىء، لكن السؤال: ماذا بعد؟
هل سيكون الرهان على المحامى إياه الذى ربما يرفع دعوى قضائية تشكك فى رخصة قيادة المنافس أو تكشف ارتكابه جريمة تمس الشرف، مثل التقاعس عن سداد اشتراك نادى هليوبوليس أو أنه سارق كهربا، أم سيكون الرهان على تسجيلات للمنافس، وهو يعمل «أوردر كنتاكى»، مؤكدا أنه يفضل «الفخاد» على «الصدور»؟ هل ستظهر تسريبات لاتصالات المنافس مع شخص، زوجة شقيقه تسكن فى عمارة تطل على سوبر ماركت صاحبه إخوانى، أم الخلاص سيكون فى فتوى تؤثم انتخاب مرشح يقول إن زوجته تؤيد المنافس؟ هل تُخفف قبضة قانون التظاهر؟ وهل تحتشد القوى المدنية فى مؤتمر ينقله مذيعو الحكومة على الهواء مع قطعه كل خمس دقائق على غنوة الجسمى الجديدة «قوم نادى ع الصعيدى تانى.. يصلح الخطأ المجانى»، أم أن المنافس سينهى كل هذا مبكرا بأن يتنازل لرئيس الجمهورية، ويتحول لبطل شعبى تتم مكافأته بقيادة المترو عند افتتاح الخط الجديد؟!
كيف سيكون الوضع لو أن المنافس أخذ الموضوع بجد، وبدأ العمل، هل سيجد من يعاونه، أم أن مساعدته سيتم اعتبارها خيانة؟ كيف سينظر كل واحد للأمر، من عامل يقف يفرش الأسفلت على أحد الطرق السريعة، إلى مذيع يجلس يدهن الهوا دوكو فى أحد الاستديوهات. أثق تماما بأن هذا الخاطر لم يمر للحظة ببال المنافس، لكن أحكام القدر عجيبة، واحتمال اللعبة تقلب جد وارد، والنهايات تتراوح بين «مقعد» فى الاتحادية أو «شبر وقبضة» فى سجن المزرعة، فهل استعد المنافس؟ أشك، فيقينى أنه أول مرشح فى العالم يدعو الله ليل نهار ألا يدخله فى التجربة، وأن يتم نعمته عليه بأن يسقط فى الانتخابات.
عزيزى توم، يوم ثار أهل ألمانيا الشرقية مطالبين بهدم السور الذى يفصلهم عن ألمانيا الغربية، قال رئيس الحكومة لينقذ نفسه من الحرج: الأبواب مفتوحة، ولن نمنع أحدا، كان يكذب، لكن الناس صدقت، واحتشدت عند البوابات، شعر أحد الحراس بـ«كرشة نفس» نتيجة الزحام ففتح الباب، ومر إلى الناحية الأخرى ليستنشق هواءً نقياً، اعتقد الناس أن أوامر رئيس الحكومة وصلت، فاندفعوا عبر هذا الباب فسقط حائط برلين إلى الأبد.
محبتى.. عمر
نقلا عن المصري اليوم القاهرية