بقلم - عمر طاهر
عزيزى توم هانكس..
التصريح الشائع مؤخرا لمرشح انتخابات الرئاسة القادمة، والذى قال فيه إنه لو نجح سيتنازل للرئيس الحالى ليس جديدا، تكرر التصريح من قبل على يد الحاج أحمد صباحى، رئيس حزب الأمة، فى انتخابات 2005، وقال نصا: إذا فزت (لا قدر الله) سأتنازل للرئيس مبارك.
الحاج الصباحى صاحب فضل.
كنت متدربا صحفيا وأفتش عن فرصة لتقديم نفسى فى جريدة الدستور، وقتها كان الدكتور الجنزورى رئيسا للوزراء وقرر أن يعقد اجتماعا مع رؤساء أحزاب المعارضة، اجتماع لم يخرج منه أحد بأخبار مهمة، مجرد بيان صحفى قال إن كل شىء تمام وفى مكانه بالضبط ولا شىء سوى الحب بين الحكومة والمعارضة.
قال رئيس قسم التحقيقات: من يأتينى بكواليس الاجتماع؟ تابعت من هم أكثر منى حرفة وأقدم مهنياً وهم يخوضون المغامرة، هاتفوا وطاردوا كل رؤساء أحزاب المعارضة (خالد محيى الدين- حزب التجمع، إبراهيم شكرى- حزب العمل، يس سراج الدين- حزب الوفد، رجب حميدة- حزب الأحرار)، وقدموا جميعهم دروسا فى فن الانتماء لـ«بنها».
فى الطريق إلى البيت تذكرت أحمد الصباحى، رئيس حزب الأمة، صاحب أشهر طربوش فى مصر، والذى ظل يرتديه حتى وفاته.
الصباحى بدأ حياته موظفاً فى هيئة النقل العام، ثم تفرغ للسياسة وقدمها مخلوطة بأمور أخرى، مثل دورات يقدمها الحزب فى قراءة الكف والفنجان، والاستشفاء بالقرآن الكريم وتعليم الحلاقة، هذا الرجل لم يتعامل معه أحد بجدية يوما ما، ولم يرد فى بال أى زميل أن يسأله عن كواليس الاجتماع، بحثت عن رقم تليفونه ثم هاتفته.
سألته على استحياء عن الاجتماع الذى حضره، كنت أنتظر على أقصى تقدير جملة تصلح كخبر نميمة فى رأس صفحة داخلية فى الجريدة، لكن الرجل الذى لم يسأله أحد عن الاجتماع كان متشوقا لأن يتكلم عنه باستفاضة.
حكى لى الرجل عن الدعوة التى لم يتم توجيهها لرئيس حزب العمل، وأنه هو الوحيد الذى اعترض على هذا الإقصاء بينما شعر بقية رؤساء أحزاب المعارضة بالرضا عن قرار رئيس الحكومة، حكى لى كيف أن الاجتماع كان (هلهلى) دون ورقة عمل أو جدول أعمال فكانت النتيجة أن الجميع، حكومة ومعارضة، قالوا أى كلام عن أشياء غير مهمة، وكيف أنه أراد أن يخرج بفائدة من الاجتماع فأثار الكلام حول قرار الحكومة بتخفيض دعمها لأحزاب المعارضة (هل من تفاصيل يا حاج أحمد؟)، قال: تقدم الحكومة لكل حزب معارضة 100 ألف جنيه فجأة قررت أن تخفضها للنصف، وتقدم لكل حزب عشرين تأشيرة حج مجانية خفضتها أيضا!، وقال إن الجنزورى لم يستطع أن يعلق على الأمر وكأن القرار قد أملى عليه.
كتبت ما عرفته ولم أنم ليلتى حتى توجهت إلى الجريدة فى اليوم التالى وقدمته للأستاذ إبراهيم عيسى، قرأ ما كتبته باهتمام ثم طلب منى أن أهاتف الصباحى أمامه، لأنه كان يشك أن الموضوع «مضروب»، قلت لنفسى إنها النهاية، سينفى الرجل ما قاله وسأودع ملاعب الصحافة قبل أن أدخلها، اتصلت وعرفته بنفسى فقال: إنت ابن حلال ده أنا إمبارح نسيت أقولك كذا وكذا وزادنى من الشعر قصائد.
بعدها بيومين كان التحقيق مانشيت الجريدة، ورأيت اسمى لأول مرة مطبوعا، كنت قد فقدت الأمل أن أفلح فى هذا الملعب، لكن الصباحى كان له رأى آخر.
عزيزى توم.. تكرر التصريح كما قلت لك، لكن لا مقارنة بين الصباحى وشخص آخر، شتان ما بين من يرتدى «الطربوش» ومن يرتدى «السلطانية».
محبتى.. عمر
نقلا عن المصري اليوم