بقلم - عمر طاهر
عزيزى توم هانكس..
يومك جميل، بخصوص سؤالك عما يمكن للواحد أن يقوله فى الذكرى السابعة لثورة 25 يناير.
1- النظام الحالى لم يحدد حتى هذه اللحظة موقفه من ثورة يناير، «ثورة» فى الدستور و«أحداث» فى الخطابات الرسمية، واليوم الموافق للاحتفال بعيد الشرطة فقط، هى تصلح لوصم مَن شاركوا فيها بالعار وقت الحاجة، وفى وقت آخر تصلح لمهاجمة «شفيق»، الذى كان مسؤولا عن «موقعة الجمل» وشهداء الميدان الأبرار، يهينون الطفل حديث الولادة ويكرمون مَن كان مسؤولا عن تنشئته، يعايرنا النظام الحالى بأخطاء مبارك و«يزعق فينا» لأننا صبرنا على المقالب، حلو كده؟ يعنى نظام مبارك كان مؤذيا صح؟ يقول النظام صح، ثم يهاجم مَن ثاروا عليه فى يناير.
2- الكلام بنظرية «مؤامرة 25 يناير» يفتح بيوت ناس كثيرين، أكل عيشهم التفتيش عن أى تفصيلة و«لوى عنقها» حتى تخدم النظرية، معظم أصحاب هذه البيوت وقفوا ضاربين تعظيم سلام للثورة وشبابها، ثم جاء التحول حادا صارما، لم يعتذر مثلا أحدهم قائلا إنه أخطأ التقدير، بالعكس يجتهد الآن متى جاءت السيرة أن يضع إعجابه القديم فى حجم يمكن ابتلاعه وسط الكلام.
3- الإنجاز الأهم لثورة يناير أنها افتتحت خط إنتاج «الفرز»، سبع سنوات لم تتوقف فيها الاختبارات لحظة واحدة، مع كل اختبار يسقط قناع وتسقط عباءة، يستعيد كل صاحب حق مهدور حقه، وتُنزَع الشعبية بضغطة زر، سقطت القدسية وتعلم الناس اللعبة والوقت عامل مساعد يضع كل شخص وكل فكرة فى حجمها المناسب فى الوقت المناسب.
4- «مسكة المايك غدارة»، ولا أحد قادر على تعلم هذا الدرس، مَن يمسك بـ«المايك» فى مصر يقاتل حتى يتحدث بمفرده قاطعا الصوت عن الآخرين، «أنا بس اللى هاتكلم»، ويلتف الناس حول حامل المايك ويطلون من خلفه فى الصورة، ولم يتعلم أحد أن المايك غدار «يوم فى إيدك» ويوم فى يد مَن سيعاملك بالمثل وسيقطع عنك المية والنور ويزج بك فى متاهات مؤلمة، أما مَن كانوا حولك ساعة أن كان المايك فى يدك فسيقوم معظمهم بـ«شقلبة» انتحارية حتى يظهروا فى الصورة الجديدة.
5- ثورة يناير كانت فرصة ذهبية، أثق أنها لم تضِع، لكنها تعانى إرهاقا شديدا، بعد أن تعامل معها كثيرون بالطريقة التى يتعامل بها مواطن مصرى أصلى مع سيارة معطلة فوق كوبرى أكتوبر، طريقة «افتح الكبوت كده؟»، مع تقديم خلطة من الجهل المغرور والفتاوى الاستعراضية، تتحرك السيارة لفترة، ثم تتوقف من جديد بخسائر أكبر.
6- فى اللحظة التى كان الشباب فيها ينظفون المكان الذى انطلقت منه ثورتهم ويعيدون تجميل الميدان ودهن أرصفته وإعادة تشجيره وتبليط أرصفته، بإمكانياتهم المحدودة وعزيمة أكسبتهم مهارة لم يختبروها من قبل، فى هذه اللحظة كانت جملة إحدى شخصيات فيلم «آيس كريم فى جليم» حاضرة: «إحنا بلد متحضرة بتمر بظروف صعبة»، وكانت هذه هى الأزمة، لو انتصر «التحضر» فسيجلس كثيرون فى بيوتهم بعد خمس دقائق على أى مقعد مهم، ولا سبيل لمواجهة هذا الخطر إلا بالرهان على انتصار «الظروف الصعبة».
نقلا عن المصري اليوم القاهريه