بقلم - عمر طاهر
أتمنى التوفيق للخطاب الرسمى الذى صرح بأنه «مافيش حاجة ببلاش»، وأن يستطيع توفيق أوضاع كل من حصل على حاجة ببلاش، أراض أو مصايف أو كهرباء أو حتى دعوة لتشجيع المنتخب فى روسيا، أنا كمواطن لا أحصل على حاجة ببلاش من الدولة، أنفق من جيبى على كل التزاماتى دون أى مساعدة من الحكومة، التعليم والعلاج والطعام والسكن وحتى اللافتات الرخامية التى توضع فى مداخل المشروعات الجديدة دفعت ثمنها سواء بالضرائب المباشرة أو بتحمل نصيبى من الديون وفوائدها، حتى أعمدة الإنارة الموجودة فى شارعى أدفع فاتورتها.
وبالمناسبة مش عايزين حاجة من الدولة ببلاش، نريد فقط أن تكون هناك عدالة، أن أتلقى خدمات تساوى فى القيمة والأثر ما أدفعه مع كل خطوة داخل هذا البلد، من العدل ألا تكون هناك حاجة ببلاش، لكن من الظلم أن أدفع الثمن دون مقابل حقيقى يشعرنى بأننى فى منظومة عادلة وإنى ماضربتش على قفايا.
أتمنى أيضا أن يعمى الله الدولة عن الحاجات الحلوة التى مازالت ببلاش، وهى أجمل من كل ما تبيعه لنا الدولة بمقابل غير عادل، أن يعمى أعينها عن لحظات السعادة التى نسرقها مع أطفالنا وأهالينا، ساعتى البرنامج الموسيقى صباحا أو ساعة أم كلثوم على روتانا كلاسيك ليلا، رحرحة السير بلا هدف فى شوارع وسط البلد فى شتوية صباح باكر، خضة الاعتراف بالحب، مزاج لعيبتنا المفضلة عندما يكون رائقا، نسمة هواء نظيفة تطل عليك سرقة فى آخر اليوم مع خمسينة شاى فى الشباك، الطبطبة الفارغة التى يقدمها للواحد باب حظك اليوم (أموال فى الطريق إليك، وكأن محرر الباب لا يعرف أن الطريق بات مليئا بقطاع الطرق)، طعم اسم الواحد عندما يناديه من يحبهم، هجوم أغنيتك المفضلة من راديو المواصلات، بهجة التوقف عند عربية الفول فى اللحظة نفسها التى يصل فيها الولد بالخبز الطازج الساخن على دراجته، دعاء الغرباء الصادق لك، اللمة أيا كان سببها، والحبايب جميعهم حاضرون، متعة استدراجك لـ«طعامة» ما بحجة «حماتك بتحبك»، «شقلبة» الاستعادة الجماعية لرائحة الأيام الحلوة.
هناك قائمة طويلة تحفل بأشياء كثيرة مازالت «ببلاش» ولكن لا سعر لها أيضا، الرضا بكل أنواعه، والمشاركة مهما كان الحمل ثقيلا، ونظرة التقدير، والصبر، ثم الأمل.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع