بقلم : خالد منتصر
كتبت مشيداً بعودة الثقة فى قرار عودة تجميع المرسيدس، وقلت إننا لا نهتم بالسيارة المرسيدس فى حد ذاتها من ناحية الاقتناء لأنها من الممكن أن تكون سيارة تركبها فئة معينة فى مصر، وهذه المسألة ليست المقصودة ولا المهمة، لكنه الاعتراف بأن هذه السوق قد صارت مجالاً خصباً وموثوقاً فيه، لكنى فى حوار مع الصديق المثقف سياسياً واقتصادياً أحمد عبدالستار الطويلة، الذى عمل لفترة فى مجال السيارات، تحدث عن حلمه بإعادة تصدير المرسيدس المجمعة فى مصر وغيرها من السيارات وعدم الاكتفاء بالسوق المصرية لأننا نريد إضافة عملة صعبة للخزانة المصرية من خلال ذلك البيع خارج حدود مصر.
نبهنى صديقى، فبحثت فى الموضوع، وسألت أصدقائى المغاربة عن تجربة المغرب الثرية فى تصنيع وتجميع السيارة «رينو» هناك، والتى حققت نجاحات فى السوق الأفريقية، ومعظم من يركبون تلك السيارة فى مصر يعرفون أنها مصنوعة فى المغرب ولا يعتبرون ذلك نقيصة أو عيباً، ولذلك لا بد أن نتعلم من تجربة المغرب حتى يضاف إلى تلك الثقة فى السوق المكسب والربح والنمو الاقتصادى، لو صدرنا إلى ليبيا والسودان فقط السيارات المجمعة، وهما سوق متعطشة وكبيرة، ثم نمتد إلى أفريقيا خاصة بعد الاتفاقيات التى عقدناها مع دول كثيرة وإعادة الانفتاح على دول القارة بعد سنوات من العزلة المباركية.
هذه ليست أحلاماً شخصية لكاتب يكتب من غرفة مكتبه بعيداً عن الواقع، فتجربة المغرب ترد علينا وتهدينا الطريق وبالأرقام، المغرب الأولى عربياً، والثانية أفريقياً، والثامنة والعشرين عالمياً من حيث إنتاج السيارات، وتسعى إلى مضاعفة صادراتها من السيارات بعد أن تمكنت من تحقيق طفرة فى قطاع صناعة السيارات، وتجاوزت نسبة المكون المحلى فى صادرات قطاع السيارات 50%، بل تتجه إلى 65% بحلول 2023، المغرب صدرت سيارات بقيمة 70 مليار درهم «7.6 مليار دولار» خلال عام 2017 الماضى، ومن المقرر أن تبلغ صادراتها من السيارات بنهاية العام المقبل «2019» 100 مليار درهم «10.8 مليار دولار»، المغرب استطاعت فى الآونة الأخيرة بالتعاون مع شركائها الأوروبيين (شركتى «رينو» و«بيجو» الفرنسيتين)، والصينيين (شركة بى واى دى)، السيطرة على صناعات تركيب السيارات، ورفع جودة المكون المحلى فى السيارات، فضلاً عن تأمين احتياجات السوق المغربية من قطع الغيار، وزير الصناعة والتجارة المغربى توقع أن تصل قيمة إجمالى استثمارات المغرب من السيارات إلى 30 مليار دولار فى القريب العاجل، وأعلنت شركة رينو الفرنسية مؤخراً، أن مصانع «رينو المغرب» حققت إنجازاً كبيراً من خلال تصدير 376 ألف سيارة وتسويق 70 ألف سيارة فى السوق الداخلية خلال العام الماضى، مشيراً إلى أن المجموعة مقبلة على الرفع من قدراتها الإنتاجية فى المغرب، وأكدت على الأهمية التى تمثلها أفريقيا بالنسبة لصناعة «رينو» للسيارات بالمغرب، مشيراً إلى أن حصة مجموعة «رينو» فى السوق الأفريقية بلغت 17% خلال العام الماضى بتسويقها لنحو 200 ألف سيارة فى الأسواق الأفريقية.
أقترح دراسة التجربة المغربية فى تصدير السيارات المجمعة وزيارة المصانع هناك والاجتماع بين وزير الصناعة المصرى والمغربى، وأعتقد أننا لدينا الكفاءة فى الانطلاق بتلك الصناعة إلى آفاق متجاوزة.
نقلًا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع