بقلم : خالد منتصر
ما زلنا نؤكد كل يوم أننا لا بد أن نحسم الإجابة عن سؤال مهم، وهو: «هل نحن دولة مدنية أم دينية؟»، وذلك لأننا من خلال بعض الممارسات على الأرض نلاحظ أننا قد صرنا دولة مدنية بالاسم، ودينية بالممارسة، آخر تلك الممارسات ما حدث من الأزهر وهيئة كبار العلماء فى قانون الأحوال الشخصية وصياغتهم لمواده بعيداً عن البرلمان أو سبقاً وتجاوزاً لمهامه، وقد أكد شيخ الأزهر فى حواره الأسبوعى للفضائية المصرية الفلسفة التى تقف خلف هذا التصرف عندما قال:
«الأزهر يؤدى واجبه، حين يتصدى لإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية، ولن يفرط فى رسالته قيد أنملة فيما يتعلق بالشريعة الإسلامية والقرآن الكريم وسُنة النبى»، وقال أيضاً:
«الأزهر حين يتصدى لإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية، فهو يزاول عمله وواجبه بحكم الدستور والقانون، وحتى بحكم قبول الناس»، وأكد فى النهاية أن «الأزهر لن يفرط فى رسالته قيد أنملة، فيما يتعلق بالشريعة الإسلامية، وفيما يتعلق بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم»، وأضاف: «نحن حراس على هذه الأمانات».
لغة ربط القانون الذى هو نسبى ومتغير ومرن وقابل للتعديلات بألفاظ تحمل رائحة المعارك، مثل: لن نفرط، وقيد أنملة، وحراس الدين.. إلخ، هى لغة تنفى الحوار، وبداية: الدين يحميه ويحرسه الله، وليست المؤسسات الدينية، وكل الدماء التى سالت فى تاريخ المسلمين أنهاراً بل محيطات، سالت نتيجة أن كل فريق ادعى أنه يحرس الدين ويحرس الأمانة، والسؤال لفضيلة الإمام الجليل: مَن كان يحرس الدين والأمانة فى معركة الجمل؟، هل هو إمام المتقين والمبشر بالجنة على بن أبى طالب، أم السيدة عائشة زوجة الرسول ومعها الزبير وطلحة المبشّران بالجنة أيضاً؟!، ومَن كان يحرس الدين والأمانة فى صفين؟، علىّ كرم الله وجهه، أم معاوية كاتب الوحى، هل هو عمار بن ياسر، أم ابن خالد بن الوليد؟، هل محمد بن أبى بكر، أم شقيقه الذى فى معسكر وجيش الخصوم؟، عبدالرحمن بن ملجم عندما قتل عليّاً بن أبى طالب قتله من منطلق حراسة الدين، كل الرؤوس المقطوعة للصحابة فى الحروب الإسلامية وكل الجثث المصلوبة على أبواب المدن والعواصم كانت باسم حراسة الدين يا فضيلة الإمام، الدين ليس خزانة بنكنوت لكى يُحرس، وليس كومباوند يحتاج إلى كشك حراسة، على العكس، فالدين هو الذى يحرسنا من انتهاك الروح، الدين لا يحتاج إلى حراسة، بل يحتاج إلى فهم، ثانياً وعلى أرض الواقع والتجربة العملية، ماذا حدث حين عرض الرئيس السيسى لخطورة قضية الطلاق، وطالب بتوثيق الطلاق الشفهى؟، ما حدث هو أن هيئة كبار العلماء قد اجتمعت ورفضت، لماذا؟، لأن الفقيه فلان والشيخ علان والداعية ابن فلان وعلان لم يقولوا ذلك، ولم يذكروه فى كتبهم المكتوبة على الجلد والعظام منذ ألف سنة!، ولتحترق وتدمر وتخرّب البيوت المصرية، لأن العنعنات لم تسعفنا بالحل!، لا نحتاج إلى مؤسسات تحرس الدين، فالله قد تعهد بالحفظ، ولكننا نحتاج إلى مؤسسات تحرس المواطن من الوصاية.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع