بقلم : خالد منتصر
يحتفل العالم بعيد ميلاد كارل ماركس، وتحتفى ألمانيا بشكل خاص ومتميز بذكرى مائتى عام على ولادة هذا المفكر الفيلسوف، الذى كما يفاخر به الألمان بأنه خلّدهم فى التاريخ، مثله مثل جوته ونيتشه وفاجنر وبريخت، فإن البعض ما زال يتهمه بأنه قسمهم وفصلهم ومزقهم إلى شرقية وغربية بفكره وفلسفته، لكن كل جوانب الاحتفاء ما زالت فى معظم جوانبها لا ترى إلا زاوية كارل ماركس الفيلسوف صاحب المعارك الكبرى من رأس المال وفائض القيمة إلى الصراع الطبقى وأفيون الشعوب، لكن أنا مؤمن بأن المثقف الكبير والمفكر المؤثر العظيم دائماً يحمل قلب طفل محب عاشق متيم، لذلك فزاوية الحب وجانب العشق فى حياة كارل ماركس زاوية مهملة وجانب مبتور ومطموس فى حياته، الجميع يعيش وهماً أن صانع الماركسية هو بالضرورة رجل عربيد لا يمكن أن يستقر على رفيقة حياة واحدة، هو حتماً شخص بدون مشاعر.. إلى آخر هذا القالب الجامد الذى دوماً نقولب به وفيه الأشخاص فى زنزانات أفكارنا الفاشية المعلبة سابقة التجهيز، المدهش أنك عندما تبحث فى حياة كارل ماركس تجد قصة عشق وإخلاص لزوجته جينى فون ويستفالن تستحق أن تكتب فى رواية رومانسية، وعندما تبحث فى كتبه ومخطوطاته تجد ثلاثة دفاتر من أشعار الحب والغزل الملتهبة!، وفى نهايتها دوماً تلك العبارة: «إلى عزيزتى جينى فون ويستفالن، المحبوبة أبداً»، حبيبته جينى كانت بنت الثراء والأرستقراطية، والدها بارون ثرى مستشار لحكومة بروسيا، ووالدتها تعود أصولها إلى الأرستقراطية الأسكتلندية ولها صالون ثقافى شهير، كل الشباب يتمنى مجرد القرب من جينى الجميلة ولكنها تختار كارل ماركس الذى كانوا يشبهونه بعطيل، لأنه كان مخاصماً للوسامة، امتدت فترة الخطوبة سبع سنوات حتى يستكمل دراسته، ظل الحب مشتعلاً أثناءها ولم تنطفئ جذوته أثناء الزواج، تعالوا نطلع على إحدى قصائد عشقه، يكتب ماركس:
«أترين؟ قد أملأ ألف مجلد،
كاتباً فقط «جينى» فى كل سطر،
ومع ذلك، فالجملة قد تخفى عالماً من الفكر،
عقداً أبدياً، وإرادةً لا تتبدل،
أبياتاً حلوةً بلطفٍ ما زالت تحن،
فيها كل الوهج وكل لمعان الأثير،
بها عذاب ألم الحزن وفرحٌ قدسىٌ..
فيها كل حياتى ومعرفتى،
أقرأها فى النجوم البعيدة،
وعلى النسيم الغربى تعود إلى،
ومن وجود الأمواج البرية ترعد.
حقاً، قد أكتبها كلازمة،
لتراها القرون القادمة: الحب هو جينى، وجينى هو اسم الحب»
فلتبحثوا دائماً عن الوجه الآخر والعصفور الراقد فى حنايا القلب.. ابحثوا عن همس الإنسان لا صراخ معاركه الفكرية فقط.
نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع