بقلم : خالد منتصر
الرئيس الراحل أنور السادات الذى نحتفل الآن بمئويته، صاحب حياة دراماتيكية، فيها كل منحنيات الدراما من صعود وهبوط، تراجيديا وكوميديا، انتصارات وهزائم، معاناة ورفاهية، الدراما دخلت كل تفاصيل حياته، حتى إنه فى شبابه تقدم فى مسابقة للتمثيل وكان عاشقاً للسينما، ولا بد ونحن نحتفل بمئويته أن نستفيد من كل الدروس الحياتية التى مر بها ومررنا نحن أيضاً بها معه كمجتمع وكوطن، الدروس الإيجابية والسلبية أيضاً، والمكتوب عن الدروس الإيجابية فى الصحف الآن كثير ومهم، لكن الدرس السلبى الذى لا بد أن نستوعبه، خاصة أننا نعيش تبعاته وتوابعه ليس أقل أهمية، درس الرهان على التيار الإسلامى وإمكانية انخراطه فى المسار الوطنى، وهو للأسف درس لم نستوعبه حتى الآن، ظن «السادات» للأسف خلال حربه مع من أطلق عليهم مراكز القوى، ثم مع اليسار المصرى أن أفضل من يحاربهم هم الإخوان، أفرج عنهم وقرّب مرشدهم «التلمسانى» إليه، تكونت الجماعة الإسلامية فى الجامعات، وكان فى الكواليس محافظ أسيوط وقتها منفذاً وداعماً، سمح بمجلة الدعوة، أهم أذرعهم الإعلامية وقتها، تمت السيطرة على النقابات بعد الجامعات، راهن «السادات» على أنهم سيقفون فى الصف الوطنى، ظناً منه أن الحائل كان الملاحقات الأمنية والاضطهاد، فتح لهم الأبواب، وبدأوا فى السيطرة على العمل الاجتماعى وبناء المدارس والمستوصفات، غضّت حكوماته المتعاقبة الطرف عن التمويل الخليجى، انتشرت المكتبات السلفية بكتب الخرافة وعذاب القبر والجهاد، صادروا الريف لصالحهم فكرياً، اشتد التعاون بعد مظاهرات يناير التى اتّهم فيها اليسار، فكانت نهاية آخر شعرة لعلاقته مع تياره الذى تم التضييق عليه، فى مقابل إتاحة الفرصة للإسلاميين بقوة، زحفوا على الإعلام، انتشر الحجاب باعتراف عصام العريان نفسه كراية سياسية فى شكل زى، بدأت الفتن الطائفية فى الاشتعال، وأشهرها «الزاوية الحمراء»، التى لم يقرأ خلفيتها على ضوء توغّل عصابة البنا، لكنه قدم قراءة سطحية عن غسيل مسيحى بينقط على بلكونة مسلمة!!، ظل حتى آخر لحظة مؤمناً بأن إرهاب هذا التيار هو فقط مجرد إرهاب بعض الأفراد المرضى فيه، وظل يرسل فى نداءات للولد الإرهابى اللى مستخبى فى الحتة الفلانية، ولغيره من الهاربين فى الكهف العلانى.. إلخ، فى نفس الوقت الذى يستمع إليه فى الصفوف الأولى من يحركونهم من خلف الستار، القط الذى ربّاه تحول إلى نمر، والتهمه يوم المنصة، يوم عرسه فى احتفالات النصر، هل هناك درس مستفاد من هذا الرهان الذى قامر فيه «السادات» بحياته؟، بالطبع نعم، الإسلام السياسى بكل أطيافه هو أيديولوجية فكرية وبناء عقائدى لن يتغير، هناك لحظات تقية ومناورة ومراوغة، لكن كراهية الوطن وحلم الخلافة وبذرة الخيانة والغدر موجودة وتنمو باستمرار، حتى لو فى صوبة مستترة، تعطيهم صباعك ياكلوا دراعك، ما إن تفتح لهم شراعة النافذة، سرعان ما يجلسون فى غرفة نومك.
نقلًا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع