بقلم: خالد منتصر
هل كل ما قيل أثناء الغضب من هزيمتنا الكروية وفى فورة الثورة على خسارتنا الأفريقية لا بد أن يكون صحيحاً؟
الإجابة لا، فهناك الكثير من المغالطات تتسلل عبر زفرات الغضب ونمررها ونبررها ونصدقها لأن الوقت لا يسمح بمناقشتها ومعارضتها، ولحظات التوتر دائماً لا تسمح بالمناقشة الموضوعية.
من ضمن ما ردده المصريون من أسباب الهزيمة هو الجمهور، الذى وصفه البعض تارة بأنه جمهور تنس، وتارة أخرى بأنه جمهور مرفه، اتهموه بأنه لا يمتلك روح الألتراس ولم يحمس اللاعبين، وأنه جمهور كريمة القشدة التى تغطى البسبوسة الثرية الأرستقراطية... إلخ، وأنا أرى كل هذا الكلام مغالطات ومبالغات وتجنيات، كلام هروبى من نوع الشماعات الجاهزة، كلام هو خلط لمشاعر غضب طبقى على ثأر ألتراس على عشوائية فكر على اعتياد قبح وتآلف مع التدنى اللفظى. الجمهور الذى حضر البطولة الأفريقية «كان ٢٠١٩» جمهور رائع ومحترم وشجع بكل قوة ولم يبخل بهتاف أو جهد أو دعم لمنتخبه، هل يعيب هذا الجمهور أنه كان منظماً؟، هل أجرم هذا الجمهور لأنه لم يطلق سفالات أو شتائم قذرة؟، هل نهاجم ونسخر من هذا الجمهور لأنه احترم القواعد والـ«فان آى دى» وحجز التذاكر عبر الإنترنت وكل معايير وخطوات تلك المنظومة الرائعة التى بدلاً من المناداة بتعميمها واستغلال نجاحها وصرامتها وانضباطها فى تطبيقها على الدورى، نتفرغ للهجوم عليها والسخرية من جمهورنا الوفى الجميل، الجمهور لم يكن أبداً جمهور الأرستقراطية بل معظمه كان من الطبقة المتوسطة التى دهسها الزمان وجاءت لتبحث عن فتات متعة، وكان هناك أغنياء وبسطاء، والأب الذى لا يفهم فى الإنترنت ساعده الابن الذى يفهم، وليست جريمة أن يجلس فى الدرجة الثالثة أستاذ جامعة أو سفير، وليس عيباً أنه عندما يضيع لاعب هدفاً ألا يسبه ويشتمه بالأب والأم، لم يكن الجمهور كما قيل جمهور مارينا ومراسى الذين من حقهم الحضور بالطبع، لكن كان هناك إمبابة والسيدة زينب، هل معنى أن الجمهور شكله جميل ولابس شيك ومهتم بهندامه أنه جمهور غير كروى، هل لا بد أن يذهب إلى الماتش بأسمال بالية وجلاليب متسولين حتى نرضى عنه ونعترف به جمهور كرة قدم، سمعت من يسخر من أنه شم رائحة بارفانات فى المدرجات؟!، هل الجالس فى المدرج الذى يضع عطراً مجرم وآثم؟!، هل لا بد أن نشم رائحة عفن فى المدرجات حتى تصبح مدرجات كرة قدم؟!، هل تصالحنا وتآلفنا مع شتائم الردح التى تنطلق لسب اللاعبين بأقذع وأحط الألفاظ، لذلك نحض على كراهية تلك النوعية التى زينت الاستاد ونصفها بأنها من الجمهور المزيف الذى يشجع بطريقة «فافى»!!
أفخر بهذا الجمهور وأرفض أن نعلق له المشانق وأن نتهمه بأنه من أسباب الهزيمة، السبب هو فساد منظومة كروية هزيلة لم تكن على مستوى هذا الجمهور العظيم.