بقلم: خالد منتصر
«اقتراف جمال مع سبق الإصرار والترصد، حيازة حسن ووسامة وجاذبية».. تلك هى جريمة الفنانة صابرين حين خلعت الحجاب أو ما يسمى حجاباً أو «تربون» أو «بونيه».... إلخ، نشرت صابرين صورة عادية جداً ليس فيها أى عرى وبدون ماكياج صارخ، صورة فى منتهى البساطة والرقى، تحمل عطر بهجتها القديمة وابتسامتها الحقيقية الساحرة التى كانت قد دفنتها فى أدراج النسيان منذ مسلسل «أم كلثوم»، كل الفرق هو أن شعرها ظاهر فى الصورة.
«ياويلتاه، واإسلاماه».. هكذا خرج السلفيون، أو بالأصح أصحاب المزاج السلفى من المصريين الذين صاروا ذوى الصوت الأعلى، خرجوا فى مظاهرات تويترية وفيسبوكية ليذبحوا صابرين، وانهالت الشتائم والسفالات المنحطة والوضيعة ممن تمتلئ وتكتظ صفحاتهم بالأدعية والأذكار وترصع بوستاتهم وتويتاتهم صور بكائهم أمام الكعبة فى الحج والعمرة، كل هذه الغزوات الإنترنتية من أجل خصلات الشعر التى ظهرت على جبين صابرين. فعلوها من قبل مع الفنانة حلا شيحة وها هى نبرة الهجوم الفاشى البشع تزداد حدتها مع صابرين، لكن لماذا ازدادت الهستيريا السلفية هذه المرة مع خلع صابرين للحجاب؟ هل بالفعل هم يقدسون قطعة القماش تلك إلى هذه الدرجة؟ أم أن صورة صابرين ضربت صنماً ظلوا يشيدونه ويحافظون عليه ويرسخونه عشرات السنين، وفى الصميم؟
السبب ببساطة أن الخدعة التى كانت تستعملها الجماعات الإسلامية طيلة تلك السنوات تحت شعار «أنت الأجمل مع الحجاب»، سقطت وتبخرت مع رؤية صورة صابرين التى ذهل الناس من سطوع جمالها ونور ملامحها وشبابها الذى استعادته بتلك الطلة أو النيولوك، لم يعد نافعاً ومجدياً أسلوبهم مع بنات الثانوى والجامعة أو حتى الإعدادى، أسلوب طرح عبارات من قبيل «شكلك يجنن فى الحجاب»، أو «وشك نور».... إلخ، الحقيقة التى ظهرت مع صابرين كانت عكس تلك المقولات تماماً، وهذا هو الخطر الذى استشعره السلفيون والإخوان ومعظم من تسلل المزاج السلفى والمود الوهابى إلى نخاع نخاعهم، فمسألة الفرضية الدينية للحجاب التى تسلل منها وبها الإخوان إلى عقول بنات الجامعة فى السبعينات والثمانينات والتى كانت على رأس أولوياتهم كما قال عصام العريان فى أحد لقاءاته التليفزيونية، تلك المسألة طالها الجدل والتشكيك لدرجة أن دار الإفتاء أصدرت فتوى عجيبة أخيرة تقول إن الحجاب ولو أنه غير مذكور صراحة فى القرآن إلا أنه فرض!
وبدأت بنات كثيرات فى طرح سؤال مؤرق على أنفسهن، هل معقول أن تهتم السماء بخصلات شعرنا إلى هذه الدرجة؟!، هل خالق مئات المليارات من المجرات سيدخلنا جهنم من أجل تلك الخصلات والشعيرات؟!
لذلك لم يكن الإقناع الدينى كافياً أمام هذا المنطق، فبدأت اللعبة البديلة وهى مداعبة غريزة الاستحسان الاجتماعى والرغبة الطبيعية الفطرية فى التجمل، بإقناعهن بأن الحجاب يزيدهن جمالاً، هبطت صورة صابرين فجأة لتضرب كرسياً فى كلوب تلك المقولة، والذى زاد من غيظ السلفيين وأجج نار غضبهم، هو أن صورة صابرين الجميلة المشرقة المبهجة ليست بالبكينى وليس فيها أى نوع من الإغراء أو الإغواء إلا للمرضى النفسيين الذين يهتاجون من خصلة شعر أو أرنبة أنف!!
هم لم يجدوا ثغرة ينفذون منها ليبدأوا الصراخ «إباحية، ديوثية... إلخ».
بدأت البنات تعرف وتتأكد أن الجمال ليس عيباً ولا عورة ولا جريمة، الجمال ليس مرادفاً أبداً للشهوة والفجور والقباحة وقلة الأدب والدعارة، الجمال مدعاة فخر ومصدر ثقة ومنحة سلام نفسى للمرأة، وكبته هو المرض وليس إعلانه، فالفراشات لا تخفى أجنحتها الملونة لأن ذكور القبيلة لديهم مرض الهياج الهستيرى و«الألوانوفوبيا».
إذا كنتم تعانون من فوبيا الجمال فلا تُخرجوا عُقدكم وكبتكم على المرأة، بل ببساطة اذهبوا لأقرب طبيب نفسى وهو الوحيد الذى لديه علاجكم.