بقلم : خالد منتصر
فى اليوم العالمى لمرض السل، وهو اليوم نفسه الذى اكتشف فيه العالم الألمانى العبقرى روبرت كوخ تلك الجرثومة الملعونة، والبكتيريا المحيّرة المراوغة، التى حصد بسببها جائزة نوبل، يوم الاكتشاف هو 24 مارس 1882، والذى جعلته منظمة الصحة العالمية احتفالاً وفى الوقت نفسه اعتبرته يوماً للتوعية وثقافة العلاج لهذا المرض اللعين، كنا نظن أنه بعد مرور كل تلك السنوات أن مرض السل أو الدرن قد اختفى مثل مرض الجدرى والطاعون، لكننا فوجئنا بأنه قد عاد أكثر شراسة وعنفاً بعد أن تدرب على التنكر والمقاومة، لم تكن غادة الكاميليا بمنديلها الغارق فى الدم بعد نوبة كحّة هى النموذج الأشهر فى خيال الروائيين والمسرحيين والسينمائيين، لكنّ هناك شخصيات من لحم ودم، وليست على الورق فقط من فنانين ومبدعين وسياسيين أصابتهم لعنة السل ورحلوا عن عالمنا وهم يقاومونه، قتل السل كافكا، وتشيكوف، وشوبان، ود.هـ. لورانس، وإميلى برونتى، وجبران خليل جبران، وموليير.. إلخ، ويقول معظم علماء المصريات إنه قد اغتال إخناتون ونفرتيتى أيضاً، كان الميكروب موجوداً فى بعض المومياوات القديمة، وللأسف لم يرحل مع تحنيط تلك المومياوات بل عاد هذا المرض إلى مصر بقوة، وسيزداد مع ازدياد عاداتنا الرديئة، وعلى رأسها تدخين الشيشة، تلك الزلومة التى أدمنها الشباب، حتى صارت نوعاً من الوجاهة الاجتماعية والتى جعلته يساوى بين العشوائيات الفقيرة التى كانوا يقولون فى الماضى إنها أماكن انتشار المرض الرئيسية، حتى انضمت المقاهى والنارجيلات لتضم ميسورى الحال إلى زمرة المرضى، وإليكم بعض المعلومات والأرقام السريعة حول مرض السل:
فى عام 2016، أصيب 10.4 مليون شخص بالسل، وتوفى 1.8 مليون شخص من جرّاء هذا المرض (من بينهم 0.4 مليون شخص مصاب بفيروس الإيدز، أو العوز المناعى البشرى). وتحدث نسبة تتجاوز 95% من الوفيات الناجمة عن السل فى البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل.
يُمكن للمصابين بالسل النشيط أن يتسببوا فى عدوى عدد يتراوح بين 10 أشخاص و15 شخصاً آخرين عن طريق مخالطتهم عن قرب لمدة عام. وفى غياب العلاج الصحيح، يتوفى 45% من الأشخاص غير المصابين بفيروس العوز المناعى البشرى فى المتوسط من جرّاء السل.
المشكلة الرهيبة هى فى ظاهرة مقاومة الأدوية التى ظهرت، تنشأ مقاومة الأدوية عندما تُستخدم الأدوية المضادة للسل على نحو غير ملائم، عن طريق الوصفات الطبية غير الصحيحة المحددة من قِبل مقدمى الرعاية الصحية، أو الأدوية متدنية الجودة، أو توقف المرضى عن تناول العلاج قبل الأوان، والسل المقاوم للأدوية المتعددة هو شكل من أشكال السل تسبّبه بكتيريا مقاومة لا تستجيب للعلاج بالإيزونيازيد والريفامبيسين، وهما الدواءان الأشد فاعلية من بين أدوية الخط الأول من علاج السل، ويمكن علاج السل المقاوم للأدوية المتعددة باستخدام أدوية الخط الثانى، لكن ما زالت الصعوبة فى أن خيارات الخط الثانى من العلاج محدودة ومكلّفة وطويلة الأمد.
نقلًا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع