توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الوجود والعزاء

  مصر اليوم -

الوجود والعزاء

بقلم: خالد منتصر

الفيلسوف المغربى سعيد ناشيد هو أديب اختطفته الفلسفة، وفنان سرقته الأكاديمية، كلما قرأت له كتاباً أتخيله روائياً فى صومعته، فناناً تشكيلياً أو نحاتاً فى مرسمه، أو موسيقياً فى قاعة أوبرا، رشاقة لغته، ومنطق صياغته، وصفاء تأمله، تجعلنى دائماً أبحث عن كتبه فور أن تصدر، لذلك كانت سعادتى غامرة بكتابه الأخير الصادر عن دار التنوير «الوجود والعزاء، الفلسفة فى مواجهة خيبات الأمل»، وأعتبره من أهم الكتب التى صدرت فى سنة ٢٠٢٠ على مستوى العالم العربى كله، الكتاب ببساطة عزاء للنفس البشرية التى تؤجل وتعطل وتشل حياتها، وتتنازل عن متع وبهجة فى سبيل مجهول لا ضمان له، وخوف لا حياة معه، وأفضل عرض للكتاب هو فتح شهيتكم لقراءة لا غنى عنها له، باقتباسات سريعة متفرقة تستفز علامات استفهام وتضىء ظلمات مسكوتاً عنها، فلنبدأ الرحلة مع المبدع المغربى الحكيم سعيد ناشيد، يقول «ناشيد» فى كتابه:

ليس دور الفيلسوف أن يقاتل الأحلام، ولكن أن يعيد صياغة الحلم بحيث يساعدك على التفكير والعيش.

دور الفلسفة ليس أمل الخلاص ولكنه العزاء.

أن نعيش جيداً معناه أن نأمل قليلاً ونعشق كثيراً.

الخوف يصيب الروح بالذبول والحضارة بالأفول.

الشر موجود بشكل جذرى، لا يمكننا إنكاره، ولا تبريره، المتاح هو أن نفهمه بالمعرفة، ونقاومه بالحلم، ونتحمله بالحكمة.

من الممكن التحرر من الخوف من الموت، لكن لا يمكن أن نتحرر من الحزن.

الفلسفة تعلمنا العزاء باستبعاد الرهان على وجود خلاص نهائى، كل ما على الإنسان فعله هو أن يتحمل شرطه التراجيدى بمروءة وشهامة، بعيداً عن نهايات قصص الأطفال السعيدة التى تضعف قدرة الإنسان على الحياة.

إننا لا نملك غير هذا العالم بشقائه وآلامه وشروره، وفى لحظات السقوط لن تنفعنا غير أيادينا، وانطلاقاً من هذه الخيبة الجذرية نعاود البناء.

علينا أن نتعلم مثل بعض الروائيين كتابة المشهد الأخير من الرواية، أثناء التعاطى مع المشهد الأخير لا ننتظر أى شىء، بل نواصل السباحة فى نهر الحياة الجارى، نسبح بالعرض والعمق والارتفاع.

ليس دور الفلسفة أن تنقذنا من الموت، بل تعلمنا كيف نستسلم للفناء بطمأنينة.

علينا أن نتمرن على اعتبار الحياة مجرد لعبة لا نفتش فيها عن الجدوى.

الخوف من الموت هو المصدر الأول للأوهام التى تشل القدرة على التفكير، وهو المصدر الأول للشقاء الذى يضعف القدرة على الحياة، والمصدر الأول للعنف الذى يعيق القدرة على العيش المشترك.

رمم كينونتك مثلما ترمم أسنانك المسوسة، رمم عكاز الذات، استثمر معطيات الشيخوخة بشكل إيجابى، هناك أزهار لا تزهر إلا فى فصل الخريف.

الشفقة تشعرنا بالشقاء والحزن، الرحمة تثير مشاعر التضامن.

نحن نعيش الحلقة الأخيرة من أفول الأوثان.

حولنا الحياة لمحطات انتظار، الحياة صارت قاعة انتظار كبرى ينسى فيها الإنسان حاضره وكينونته.

المنسيون هم الموتى الحقيقيون.

«قد ينتهى مقاتل الوحش بأن يصبح هو الوحش».. نيتشه.

الفرصة مواتية لتحقيق سكينة بلا مسكنات، ومتعة بلا أوهام، وسعادة بلا أكاذيب.

لكى يسترجع الدين مشروعيته الأخلاقية يحتاج إلى ثلاثة إجراءات إصلاحية:

1- يجب أن يكف الخطاب الدينى عن إثارة مشاعر الخوف، وأن ينقل علاقتنا مع الله من حالة الهلع والفزع والجزع، إلى حالة المحبة والعشق والشوق.

2- يجب أن يكف الخطاب الدينى عن إثارة مشاعر الحزن، وملء نفوس الناس بأحاسيس الإثم والذنب والندم، الانتقال من نمط تدين سوداوى ومتجهم إلى نمط تدين احتفالى ومبهج.

3- يجب أن يكف الخطاب الدينى عن إثارة مشاعر الكراهية، تقويض الجهاز المفاهيمى الحاضن لثقافة الحقد والحسد والغيرة والضغينة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوجود والعزاء الوجود والعزاء



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon