توقيت القاهرة المحلي 20:27:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لقاء مع زكى نجيب محمود (١)

  مصر اليوم -

لقاء مع زكى نجيب محمود ١

بقلم: خالد منتصر

فى يوم ٨ سبتمبر من كل عام أتذكر لقاء مصيرياً وفارقاً فى حياتى مع الفيلسوف الذى لمس بعصاه السحرية عقلى فجعله فى حالة سؤال مزمن وفضول دائم، علمنى هذا الرجل يومها أن الفلسفة هى أرق علامات الاستفهام وألق فضول الاستعلام، ذكرى رحيل د. زكى نجيب محمود وانقطاعه جسداً عن الحياة هى أيضاً ذكرى انقطاع الحبل السرى بمشرط ومقص عقله الجبار وولادتى من جديد، وهجرتى من أمان رحم المستقر المعروف المحفوظ الملقن إلى حيث برودة وصقيع المختلف والجديد والفكر البكر الطازج الصامد، الحبل السرى الذى كان يربط ما بينى وبين تفكير القطيع، بينى وبين المألوف والسائد وما يعتبره الناس بديهياً، كنت فى السنة الثالثة من كلية الطب وفى غاية الإحباط من صدمتى فى مناخ الكلية، كنت قد سمعت عن مثقفى كلية الطب وطلبة التيار اليسارى وأعضاء فريق المسرح والفنانين التشكيليين، وأيضاً سمعت عن الأساتذة من متذوقى الفنون ومنهم من كان يعزف بمهارة المحترفين أو يرسم بإتقان الأكاديميين، وكنت قد سمعت عن أصحاب العقليات المستنيرة المتأثرة بالفلسفة الغربية حينذاك من الأساتذة الكبار، دخلت بهذا الشعور، وتخيلت أننى مقبل على الدخول لبوابة أكاديمية أفلاطون، لكن القدر كان له رأى آخر، فقد كان تاريخ التحاقى بكلية الطب هو نفس تاريخ صعود الجماعة الإسلامية وسيطرتها على الكلية والتحكم فى كل مفاصل الجامعة، وضرب التيار اليسارى ودفنه، ودخول معظم أعضاء هيئة التدريس أصحاب الفكر المختلف فى كهوف روتين الوظيفة منعاً لوجع الدماغ، بل منهم من ارتدى جلباب السلفية وصار يتحدث فى الإعجاز العلمى مغازلة لمزاج الشارع المصرى الذى بدأت تنتابه حمى الدروشة، بدأوا بفصل الطلاب عن الطالبات فى المدرجات، ثم الدخول قبل المحاضرة وفرض الصمت على الأستاذ المحاضر حتى ينتهى طالب الجماعة من قراءة القرآن وما تيسر من المواعظ، كان فرض ذلك الصمت والسكوت مقدمة لفرض الحجاب على الطالبات، ثم بدأت لقاءات مسجد الكلية مع الطلبة غير الملتزمين كما كانوا يصفونهم، وصار مسجد كلية الطب هو مشتل الجماعة الإسلامية، كان عبدالمنعم أبوالفتوح وحلمى الجزار قد تخرجا وصارا بمثابة المرشد ونائبه على المستوى الطلابى، أما عصام العريان فقد أصبح أمين اللجنة الثقافية بالكلية والمسئول عن الرقابة على أمثالى من المشاغبين، كنت ما زلت فى وهم الحلم، وأكتب مجلة الحائط بحماس وتمرد جيفارا وتبتل وإخلاص ورهبنة غاندى، أكتب وأعلق المجلة وعصام العريان يمزق، وهكذا كان الكر والفر، كنت قد كتبت قصة قصيرة بعنوان «مأساة عباس بن فرناس»، وكانت هناك جملة فيها «حمل ابن فرناس صليبه»، أثارت كلمة الصليب فى القصة «العريان» واستفزته، فصدر الفرمان بتمزيق المجلة ووقوف بلطجية الجماعة لضرب كل من سيقترب ويتجرأ على تعليق أى مجلة حتى ولو كانت مجلة طبية، وكانت تلك نهاية مجلات الحائط بالنسبة لدفعتنا، أما قمة الجنان والتهور فقد حدث عندما استدعينا كأسرة طلابية الفنان هانى شنودة وفريق المصريين تحت رعاية عميد الكلية د. هاشم فؤاد، وتم منع الحفل واقتحام القاعة، وقد حكيت تفاصيل تلك الواقعة فى مقال سابق، وسط كل هذا المناخ المحتقن المحبط، لمعت فى ذهنى فكرة الحوار مع د. زكى نجيب محمود، حوار للمجلة التى لن تصدر، مع الفيلسوف الذى ظننت أنه من المستحيل أن يوافق على مقابلة شوية عيال فى كلية الطب، لكن المستحيل تحقق، أما كيف قابلت د. زكى نجيب محمود؟ الإجابة فى المقال القادم بإذن الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لقاء مع زكى نجيب محمود ١ لقاء مع زكى نجيب محمود ١



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon