توقيت القاهرة المحلي 20:27:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كن أنت وتحرر من جثتك المحنطة

  مصر اليوم -

كن أنت وتحرر من جثتك المحنطة

بقلم: خالد منتصر

كل منا ما زال يعيش بأقنعة ليرضى الآخرين ويصبح على مقاسهم ليستحق لقب المواطن المثالى الصالح، لكن أن يصبح القناع بمساحة الجسد لا الوجه، هذه هى قمة المأساة، رواية «بوجارت اعزف لى لحناً كلاسيكياً» للكاتبة جيلان صلاح، والصادرة عن دار «ضمة»، تتحدّث عن «وجيه سيد مرسى»، الذى يرتّبون لحفلة خروجه على المعاش، وهو لم يعش أصلاً، حقيقته لم يعشها، هو الأستاذ وجيه موظف البريد، لكن داخله تقبع فريدة التى اكتشف أنها تنمو بداخله منذ كان مراهقاً، هى ليست رواية عن مشكلة التحول الجنسى، لكنها رواية تحاول أن تجيب عن سؤال وجودى مرعب، هل بعد كل تلك السنوات كنت أنت؟، عشت حقيقتك أنت؟، أم ما يريده الآخرون والمجتمع لك؟!، كتبتها جيلان صلاح كرواية قصيرة بإيقاع لاهث ولقطات ذكية وجرأة مدهشة وصادمة، كتبتها بروح فيلم سينمائى قصير، ودائماً ستجد فى خلفية كل فصل مشاهد سينمائية لها دلالة، وجيه ما زال يذهب إلى مخزن أبيه المظلم، حيث يصبح هناك فريدة بفستانها وماكياجها وعشقها للرقص والموسيقى، هارباً من زوجته التقليدية وابنه السلفى وابنته ضحية الغدر الزوجى وباقى الأبناء المغتربين المهاجرين، فى المخزن هناك القط «بوجارت» الذى أطلق عليه اسم معشوقه الممثل همفرى بوجارت، القط صديقه الوحيد الذى قتلته الزوجة بالسم، لأنه شيطان أسود يجلب النحس، أخذ وجيه جثة بوجارت وذهب ليحنطه، وكأنه يريد إنقاذ ما تبقى من رفات الحقيقة، وكأنه يستدعى حقيقته التى تخبو ولا يشعلها إلا قبو المخزن، حيث تتحرر فريدة، كما فشل وجيه فى أن يحرّر ويظهر فريدة على الملأ وللناس، فشلت جارته مارلى فى أن تحرر موهبتها وتنشر رواياتها على الملأ وللناس، دور النشر ترفضها، وزوجها مكارى يهملها ولا يبالى بموهبتها، مارلى هى الوحيدة التى أخبرها وجيه بالسر، عرفت فريدة وأحبتها وتعاطفت معها، حكى وجيه عن تعويضه إخفاء فريدة بهواية التلصص، مراقباته السرية تمتد من قبلة الخالة وصديقها، إلى قبلات الأحفاد، والتلصص على الجيران، عندما تهجره مارلى وتترك العمارة، يعود للمخزن باحثاً عن فريدة، فيجد القط بوجارت قد تحرر من جثمانه المحنط، ليظل هو فى وصلة رقص، لتنزل آخر جملة فى الرواية دقى يا مزيكا!!

بعد قراءتك للرواية حتماً ستتساءل عن التحول الحياتى لا الجنسى، هل أنت تعيش ذاتك أم ذوات الآخرين؟، هل أنت جسد أم جثة تتنفس وجثمان ينبض؟، لو كنت أحمد أو خليل أو جورج، هل عشت فعلاً كأحمد أو خليل أو جورج الحقيقى الذى بداخلك؟!، إلى متى ستظل أسير منافقة القطيع، وضحية مجاملة السائد؟، يطاردك رعب الخوف من الطرد من دفء السرب وأمانه، تفزعك الوحدة ويرعبك الهجر لو تركوك فى هجير الاختلاف والتمرد، تحاول أن ترقص على إيقاعك الداخلى فيجبرونك على أن ترتعش فى حلقة زار مع نشازهم الخارجى، الرواية بها تفاصيل ولقطات بكاميرا عين جيلان الذكية اللماحة تجعلك دوماً فى حالة سؤال مؤرق ومقلق، والأدب الجيد هو الأدب المؤرق المقلق، الذى يكسر المألوف والمعتاد، وهذا ما فعلته رواية جيلان صلاح، التى لا تعرف فيها حدود الخيال السريالى والواقع الحقيقى، رواية تنعى فيها جيلان صلاح الإنسان الذى هجر ذاته، وأيضاً المدينة التى هجرت تنوعها، مدينتها الإسكندرية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كن أنت وتحرر من جثتك المحنطة كن أنت وتحرر من جثتك المحنطة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon