بقلم : خالد منتصر
مع كل رحلة إلى المريخ تبدأ تساؤلات البشر عن التكلفة الباهظة التى تكون بالمليارات لكل رحلة، ما جدواها؟ هل هى مجرد استعراض عضلات، أم أن هناك فائدة علمية؟ طرحت هذا السؤال مجلة ناشيونال جيوجرافيك منذ فترة، وتم طرح الموضوع ومناقشته فى محافل علمية كثيرة، وبالطبع كانت حصيلة المناقشات والإجابات أن هناك فائدة علمية مستقبلية ستعود على البشر ساكنى هذا الكوكب الذى يشيخ بفعل الزمن وبفعل أيدينا المدمرة، كوكب يستهلكنا ونستهلكه، ولكى نفهمه علينا أن نفهم كوكباً بكراً يجيب عن أسئلة غامضة حول ماضى الأرض ومستقبلها، على مدى القرن الماضى، كل ما تعلمناه عن المريخ يشير إلى أن الكوكب كان فى يوم من الأيام قادراً تماماً على استضافة النظم البيئية وأنه ربما لا يزال حاضنة للحياة الميكروبية اليوم، المريخ أكثر من نصف حجم الأرض، مع جاذبية 38 بالمائة فقط من الأرض، يستغرق الأمر وقتاً أطول من الأرض لإكمال دورة كاملة حول الشمس، لكنها تدور حول محورها بنفس السرعة تقريباً، هذا هو السبب فى أن سنة واحدة على سطح المريخ تستمر لمدة 687 يوماً على الأرض، فى حين أن اليوم على المريخ أطول بـ40 دقيقة فقط من على الأرض، على الرغم من صغر حجم المريخ، فإن مساحة اليابسة على الكوكب تعادل تقريباً مساحة سطح قارات الأرض، مما يعنى، على الأقل من الناحية النظرية، أن المريخ لديه نفس القدر من المساحة الصالحة للسكن، لسوء الحظ، الكوكب الآن ملفوف بغلاف جوى رقيق من ثانى أكسيد الكربون ولا يمكنه دعم أشكال الحياة الأرضية، كما يظهر غاز الميثان بشكل دورى فى الغلاف الجوى لهذا العالم الجاف، وتحتوى التربة على مركبات من شأنها أن تكون سامة للحياة كما نعرفها، وعلى الرغم من وجود الماء على كوكب المريخ فإنه محبوس فى القمم القطبية الجليدية للكوكب ومدفون تحت سطح المريخ.
من لونه الشبيه بالدم إلى قدرته على الحفاظ على الحياة، أثار كوكب المريخ اهتمام البشرية لآلاف السنين، وعندما يفحص العلماء سطح المريخ، فإنهم يرون ميزات هى بلا شك من عمل السوائل المتدفقة القديمة: الجداول المتفرعة، وديان الأنهار، والأحواض، والدلتا، تشير هذه الملاحظات إلى أنه ربما كان للكوكب محيط شاسع يغطى نصف الكرة الشمالى، فى مكان آخر، غمرت العواصف المطيرة المناظر الطبيعية، وتجمعت البحيرات، وتدفقت الأنهار، من المحتمل أيضاً أن يكون ملفوفاً فى غلاف جوى سميك قادر على الحفاظ على الماء السائل عند درجات حرارة وضغوط المريخ، فى زمن ما خلال تطور المريخ، مر الكوكب بتحول جذرى، وأصبح العالم الذى كان يشبه الأرض يوماً ما جافاً ومغبراً، السؤال الآن ماذا حدث؟ أين ذهبت تلك السوائل، وماذا حدث لجو المريخ؟ يساعد استكشاف المريخ العلماء فى التعرف على التحولات الجسيمة فى المناخ التى يمكن أن تغير الكواكب بشكل أساسى، كما يتيح لنا البحث عن البصمات الحيوية، وهى علامات قد تكشف ما إذا كانت هناك حياة فى ماضى الكوكب، وما إذا كانت لا تزال موجودة على كوكب المريخ اليوم، وكلما عرفنا المزيد عن المريخ، سنكون أفضل تجهيزاً لمحاولة كسب العيش هناك، يوماً ما فى المستقبل، وهذا ما عبر عنه إيلون ماسك، الرئيس التنفيذى لشركة SpaceX، مراراً وتكراراً بأن البشرية يجب أن تصبح «نوعاً متعدد الكواكب» إذا أردنا البقاء على قيد الحياة، وهو يعمل على خطة يمكن معها أن نرى مليون شخص يعيشون على المريخ قبل نهاية هذا القرن.