توقيت القاهرة المحلي 00:50:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أكبر خطايا 2020

  مصر اليوم -

أكبر خطايا 2020

بقلم: خالد منتصر

مضت ٢٠٢٠، حملت حقيبتها وودعتنا، ولو عددنا ما تركته من جراح وخطايا سنجد الكثير فى كشف حسابها الثقيل، الذى جعل معظم الناس يكسرون خلفها كل القلل القناوى التى يمتلكونها، شيعوها باللعنات حتى باتت علامة فارقة بين حالين، بين مزاجين، فالفوبيا لم تعد حالة فردية بل صارت فوبيا كونية، لكن من وجهة نظرى، أكبر خطيئة أو خسارة أصابت العالم من جراء عام الكورونا القاسى والمؤلم، هى الخطيئة التى أصابت المنهج العلمى أو طريقة البحث الطبى، حتى وصلنا إلى مرحلة عدم مساءلة شركات إنتاج اللقاح قانونياً أو ملاحقتهم قضائياً!

وقد تنبأت بهذه النبوءة فى بداية الجائحة، فالعلم -أو الطب بالذات- لأن أبحاثه هى على البشر، لا بد أن يراعى الصرامة والوسوسة والتأنى الذى يصل لحد الزهق والملل. البطء فى البحث الطبى والنشر العلمى ليس سُبة ولا عاراً ولا يستدعى الهجوم، بل العكس يستحق الاحتفاء، بل هذا سر قوة البحث العلمى.

طرح دواء جديد يستدعى عدة مراحل، مرحلة معملية ومرحلة على الحيوانات ثم مرحلة على البشر، والمرحلة الأخيرة تحتاج عدداً معيناً فى بلاد مختلفة وبواسطة مراكز بحثية وليست عيادات خاصة، وتحتاج مجموعة ضابطة للمقارنة، والأهم أنها تحتاج إلى مدة لدراسة أى أعراض جانبية ولقياس الفاعلية.. إلخ، لكن فى ٢٠٢٠ مع الكورونا حدث حرق مراحل وتغاضٍ أو طناش عن تلك الوسوسة أو الصرامة لصالح السربعة واللكلكة تحت تأثير سياط السياسة والاقتصاد، صار العلماء عرايا فى معاملهم، عليهم كاميرات مراقبة ممن هم فى الخارج، شاهرين أسلحة التربص، يقذفون بأحجار الشماتة والسخرية والاتهام بالبطء وعدم الإحساس بالمرضى.. إلخ.

فقدَ الباحثون اطمئنان التجريب وتصحيح الخطأ على مهل وبهدوء، هذا أخطر تأثير فعلته الكورونا، أكثر من العدوى والوفيات، إنه خطر هدم وتدمير كل ما رسخته طريقة البحث الطبى المنضبطة بمعايير الطب القائم على الدليل، لا بد أن نسمح لباحثى الطب بفرصة التأكد من الفاعلية والأعراض الجانبية.

بالطبع نحن نتفهم أن الأزمة خطيرة وليست سهلة، والاقتصاديات تنهار، والصراعات تتفاقم، والأمراض النفسية تزيد، والعنف المنزلى يتفاقم، وحميمية ودفء العلاقات الإنسانية تتبخر، وكل هذا يمثل ضغطاً مرعباً على مدرجات العلم ومعامله وباحثيه، لأنهم لا يمكن أن يتغاضوا عن رائحة الموت والدم وفراق الأحبة واختناق الآباء والأمهات ودموع الأطفال.

العلم ليس بارد المشاعر أو فولاذى الروح، ولكنه من الإنسان وفى خدمة الإنسان أيضاً، لكن فى نفس الوقت لا بد أن نحافظ على رونق العلم، وسر قوته وتفرده وقدرته على حل المشكلات، لا نريد قص شعر شمشون العلم فينهدم المعبد فوق رؤوس الجميع، لن يصل العالم إلى لقاح فعال مدى الحياة أو دواء شافٍ للفيروس وناجع بنسبة ١٠٠% إلا بمعايير الطب الحديث التى اكتشفت كل العلاجات التى أنقذت البشرية.

ستنتهى كورونا أو سيتم ترويضها مثل الإنفلونزا عاجلاً أو آجلاً، ولكن لا نريد أن يتم الحل على جثة العلم والطب، لأن المستقبل يحمل فى رحمه تحديات أخرى غير الكورونا ومن الممكن أن تكون أخطر منها، وحينها لن نستطيع المواجهة بسلاح أهملناه وضعفناه وأهنَّاه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكبر خطايا 2020 أكبر خطايا 2020



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

منى زكي في إطلالة فخمة بالفستان الذهبي في عرض L'Oréal

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:56 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

آمال ماهر تتألق في فستان ملكي باللون الأخضر

GMT 11:26 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

"أدنوك" تعتزم طرح 7.5% من أنشطة الحفر في سوق أبوظبي

GMT 21:50 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

استخراج إبرة خياطة من قلب طفلة في الدقهلية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon