بقلم : خالد منتصر
أن تأتى متأخراً، أفضل من ألا تأتى أبداً، لذلك ما فعله الرئيس الفرنسى ماكرون هو تصرف جيد، عندما أعلن أنه سيتخذ إجراءات احترازية وقيوداً على نظام إيفاد أئمة وشيوخ من دول أجنبية إلى فرنسا. وأضاف أن إنهاء هذا النظام «فى غاية الأهمية لكبح النفوذ الأجنبى والتأكد من احترام الجميع لقوانين الجمهورية»، وقال إن هذا يأتى لمنع الشقاق وللحد من التأثيرات الخارجية على مسلمى فرنسا، فقد وصل زحف الإسلاميين المتطرفين إلى مفاصل الدولة الفرنسية حداً خطيراً ينذر بالشلل وتحول بلد النور إلى «فرنساستان»، فعلى سبيل المثال: حذرت مجلة «ماريان» الفرنسية من أن هناك مخاوف شديدة من تقدم أحزاب تمولها قطر وتسيطر عليها جماعة الإخوان فى الانتخابات البلدية، مثل حزب الاتحاد الديمقراطى لمسلمى فرنسا، وأشارت «ماريان» إلى أن «قطر الخيرية» التى تمول حزب الاتحاد الديمقراطى لمسلمى فرنسا، مقرّبة من حكام الدوحة وتعمل كغطاء إنسانى للتمويل فى أوروبا، ووفقاً للمجلة، فإن «قطر الخيرية»، فرع فرنسا، لم تسلم من الشبهات التى جعلت إنجلترا تضعها تحت المراقبة، حيث قُتل موظف سابق فى جمعية تدعمها قطر الخيرية على يد قوات مكافحة الإرهاب فى فرنسا، بعد أن كان شريكاً فى هجوم إرهابى فى «كوندى - سور - سارث»، ومن جهة أخرى، كشف معهد الدراسات والآفاق حول الحركات الإسلامية، «La Référence» حسب تقرير نشرته «اليوم السابع» فى ٢٠١٩ «أن فرنسا أصبحت تحت تأثير جماعة الإخوان الذين سيطروا على المدارس والجامعات، أولاً من خلال منظمتهم «مسلمى فرنسا» المعروفة بـUOIF، التى تتحكم فى التعليم الإسلامى، وتسيطر على المدارس الرئيسية بموجب عقد مع الدولة، ولكن أيضاً، بشكل غير مباشر، على نحو أربعين مدرسة خارج العقد، ومعظمها فى المرحلة الابتدائية، وفى وقت سابق، قالت الكاتبة الفرنسية سيلين بينا، فى مقال بصحيفة «لوفيجارو» إن فرنسا «تشهد محاولة غير مسبوقة لترويج مجتمع إسلامى معادٍ للمبادئ الديمقراطية، والتحرر والعلمانية، خاصة أن سذاجة حكوماتنا أعطت الإسلاميين الراديكاليين، قوة سياسية هائلة»، وأضافت الكاتبة الفرنسية: «الإسلاموية أصبحت مهيمنة وتسيطر على العديد من المساجد والمراكز الثقافية والجمعيات، وأن منظمة قطر الخيرية لديها 22 مشروعاً فى فرنسا من أصل 140 مليون مشروع فى أوروبا بأكملها، ويعمل على مشاريع قطر الـ22 فى فرنسا بشكل مباشر مؤسسة «مسلمو فرنسا»، أو ما يسمى «اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا» سابقاً، وهى منظمة تتبنى أيديولوجيا الإخوان، وقد حذرت من قبل فى مقال تحت عنوان: «جمهورية فرنسا القطرية» من توغل الإسلاميين هناك، وذكرت أرقاماً تعبر عن هذا التوغل، وسأذكّركم ببعض تلك الأرقام:
استحوذ «صندوق الثروة السيادية القطرى» على 2% من شركة النفط الفرنسية العملاقة «توتال»، بقيمة تجاوزت المليارى يورو، لتصبح قطر من أكبر 5 مساهمين فى الشركة.
اشترت «شركة قطر للاستثمار» النادى الفرنسى «باريس سان جيرمان» لكرة القدم، فى صفقة بلغت قيمتها أكثر من 100 مليون يورو.
قطر صرفت تقريباً 400 مليون يورو على ضم لاعبَى كرة قدم فقط، هما نيمار ومبابى!!
استحوذت قطر على المبنى الذى يضم مقر صحيفة «لوفيغارو» ومكاتب السفارة الأمريكية وسط العاصمة الفرنسية باريس، ضمن صفقة بلغت قيمتها أكثر من 300 مليون يورو.
اشترت مجموعة قطرية 4 فنادق فرنسية، من بينها «مارتينيز» فى «كان»، و«كونكورد لافاييت» فى باريس الشهيران، و«أوتيل دو لوفر» فى باريس و«باليه دو لا ميديتيرانيه» فى نيس.
أتمنى أن تنتبه أوروبا إلى هذا الخطر الإخوانى الزاحف الذى سيلتهم أوروبا، إن لم تستيقظ.
a