توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«مارادونا».. الرجل الذى ارتكب خطيئة أنه الأفضل

  مصر اليوم -

«مارادونا» الرجل الذى ارتكب خطيئة أنه الأفضل

بقلم : خالد منتصر

فى حب «مارادونا» كتب وقيل الكثير والكثير، بكى الجميع رحيل مارادونا، رجال سياسة وشعراء وفنانون ورجال أعمال ومواطنون غلابة وأطفال شوارع وساكنو قصور ورجال دين ورجال مافيا!!، ليس فقط لأنه أيقونة متعة كرة القدم، وليس لأنه الأسطورة، وأعظم من لمس تلك البالونة السحرية المستديرة فى تاريخ تلك اللعبة، وليس لأنه الباترون الذى يقيسون عليه حجم الموهبة، ولكن مآقيهم غسلتها دموع الشجن، لأن مارادونا بالإضافة لكل ذلك وبالرغم من كل ذلك، لم يدَّعِ أنه ملاك، عاش الحياة بطولها وعرضها حتى الثمالة، لم يخطط لنجوميته، بل ترك جنونه الجامح يرسم جدارية هى ملخص الملحمة، ملحمة الصراع فى كرة القدم بين المتعة والبهجة والخروج من الإطار وبين الآلية والتكنولوجيا والتخطيط للبيزنس والانصياع للخطة وقمع الخيال.

من أهم وأجمل ما كُتب عن مارادونا، ما كتبه الروائى العالمى الشهير ابن أوروجواى إدوارد جاليانو فى كتابه «كرة القدم فى الشمس والظل»، وهناك عدة صفحات فى الكتاب عن حادث طرد مارادونا ومنعه من الاشتراك فى كأس العالم ١٩٩٤ بسبب اتهامه بتعاطى مادة الإيفيدرين المنشطة، نقتبس منها الفقرات التالية:

ظهر الإيفيدرين فى تحليل البول وتم طرد مارادونا من كأس العالم 1994، كان هناك ذهول وفضيحة، انفجار إدانة أخلاقية ترك العالم كله أصم، ولكن بطريقة ما، تمكنت بعض أصوات الدعم للمعبود الذى سقط، ليس فقط فى الأرجنتين الجريحة، ولكن فى أماكن بعيدة مثل بنجلاديش، حيث هزت الشوارع مظاهرة كبيرة تطالب بعودة مارادونا، لم يكن من السهل أن ننسى أن مارادونا ارتكب لسنوات عديدة خطيئة كونه الأفضل، وجريمة التحدث علناً عن الأشياء التى يريدها الأقوياء صمتاً.

لم يستخدم دييجو أرماندو مارادونا المنشطات قبل المباريات لتوسيع حدود جسده، صحيح أنه كان مغرماً بالكوكايين، لكن فقط فى الحفلات الحزينة حيث أراد أن ينسى أو يُنسى لأنه حاصره المجد ولا يستطيع العيش بدون الشهرة التى لن تسمح له بالعيش فى سلام، لعب أفضل من أى شخص آخر على الرغم من الكوكايين، وليس بسببه، لقد غمره ثقل شخصيته، منذ ذلك اليوم منذ فترة طويلة عندما هتف المشجعون باسمه لأول مرة، تسبب عموده الفقرى فى حزنه، حمل مارادونا عبئاً اسمه مارادونا أدى إلى ثنى ظهره، لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً ليدرك أنه من المستحيل التعايش مع مسئولية أن يكون إلهاً فى الميدان.

فى وقت لاحق فى نابولى، كان مارادونا هو سانتا مارادونا، باعوا فى الشوارع صوراً لهذه الألوهية فى سراويل قصيرة تنيرها هالة العذراء أو ملفوفة فى عباءة القديس الذى ينزف كل ستة أشهر، وحتى أنهم باعوا توابيت لنوادى شمال إيطاليا وزجاجات صغيرة مليئة بدموع سيلفيو برلسكونى، ارتدى الأطفال والكلاب شعر مارادونا المستعار، وضع أحدهم كرة تحت قدم تمثال دانتى، لقد مر أكثر من نصف قرن منذ أن فازت هذه المدينة، التى حُكم عليها بمعاناة غيظ فيزوف والهزيمة الأبدية فى ملعب كرة القدم، بالبطولة للمرة الأخيرة، وبفضل مارادونا تمكن الجنوب المظلم أخيراً من إذلال الشمال الأبيض الذى احتقرها.

عندما تم طرد مارادونا أخيراً من كأس العالم 94، خسرت كرة القدم أقوى متمرديها. وكذلك لاعب رائع، مارادونا لا يمكن السيطرة عليه عندما يتحدث، ولكن أكثر من ذلك بكثير عندما يلعب، لا أحد يستطيع أن يتنبأ بالحيل الشيطانية التى سيحلم بها مخترع المفاجآت هذا من أجل المتعة البسيطة المتمثلة فى إبعاد أجهزة الكمبيوتر عن المسار، الحيل التى لا يكررها أبداً، إنه ليس سريعاً، مثل ثور قصير الساق، لكنه يحمل الكرة مخيطاً بقدمه ولديه عينان فى جميع أنحاء جسده، تضيئان حركاته البهلوانية الحقل، يمكنه الفوز بمباراة من خلال انفجار مدوى عندما يكون ظهره للمرمى، أو بتمريرة مستحيلة من بعيد عندما تصطدم به آلاف أرجل العدو، ولا يمكن لأحد أن يمنعه عندما يقرر المراوغة لأعلى، فى كرة القدم المتجمدة فى عالم اليوم، والتى تكره الهزيمة وتمنع كل مرح، كان هذا الرجل من بين القلائل الذين أثبتوا أن الخيال أيضاً يمكن أن يكون فعالاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مارادونا» الرجل الذى ارتكب خطيئة أنه الأفضل «مارادونا» الرجل الذى ارتكب خطيئة أنه الأفضل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon