بقلم: خالد منتصر
من أكثر القطاعات التى تأثرت بجائحة كورونا قطاع التعليم، والتأثير بالطبع ليس محلياً فقط بل هو تأثير عالمى، له انعكاساته الاقتصادية والاجتماعية والسيكولوجية والسياسية، وللأسف تأثيره ليس وقتياً بل سيظل تأثيره مزمناً لمدة طويلة، منعكساً على خطط المستقبل، وقد أصدرت الأمم المتحدة منذ عدة شهور تقريراً يرصد تلك المشكلة التى تتفوق فى خطورتها على مشكلات إغلاق المصانع وركود حركة السياحة والطيران، لأنها تتعلق بمصير ومستقبل أجيال، وهذا بعض ما عرضه تقرير الأمم المتحدة:
- أوجدت جائحة كوفيد - 19 أكبر انقطاع فى نظم التعليم فى التاريخ، وهو ما تضرر منه نحو 1.6 مليار من طالبى العلم فى أكثر من 190 بلداً وفى جميع القارات، وأثرت عمليات إغلاق المدارس وغيرها من أماكن التعلم على94 فى المائة من الطلاب فى العالم، وهى نسبة ترتفع لتصل إلى 99 فى المائة فى البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا.
- من وجهة النظر التمويلية، كان التحدى مخيفاً بالفعل قبل جائحة كوفيد - 19، فتقديرات أوائل عام 2020 المتعلقة بالفجوة فى التمويل اللازم لتحقيق التعليم الجيد -فى البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا- كانت تشير إلى مبلغ مذهل قدره 148 بليون دولار سنوياً. ويُقدر أن أزمة جائحة كوفيد-19ستزيد فجوة التمويل هذه بما يصل إلى الثلث.
- فى نظم التعليم الأكثر هشاشة، سيكون لهذا الانقطاع فى السنة المدرسية تأثير سلبى غير متناسب على التلاميذ الأكثر ضعفاً، الذين يواجهون محدودية فى الظروف التى تكفل استمرارية التعلم فى المنزل، ومن شأن وجودهم فى المنزل أن يزيد من تعقد الوضع الاقتصادى لآبائهم وأمهاتهم الذين يتعين عليهم إيجاد حلول لتوفير الرعاية.
- يحدد البنك الدولى ثلاثة سيناريوهات محتملة لفقدان التعلم، انخفاض فى متوسط مستويات التعلم لجميع الطلاب، أو اتساع نطاق توزع التحصيل التعليمى بسبب آثار الأزمة غير المتكافئة للغاية على مختلف السكان، أو حدوث زيادة كبيرة فى عدد الطلاب الذين يعانون من انخفاض شديد فى مستوى التحصيل، يعزى جزئياً إلى الأعداد الهائلة من حالات التسرب، وهذا يشير إلى احتمال حدوث زيادة نسبتها 25 فى المائة فى عدد الطلاب الذين قد يهبط مستواهم إلى ما دون مستوى خط الأساس للكفاءة اللازمة للمشاركة بصورة فعالة ومنتجة فى المجتمع، وفى أنشطة التعلم فى المستقبل، نتيجة لإغلاق المدارس.
- تشير تقديرات اليونيسكو إلى أن الأثر الاقتصادى للجائحة وحده قد يؤدى إلى تسرب 23.8 مليون طفل وشاب إضافيين من الدراسة (ابتداء من مرحلة ما قبل التعليم الابتدائى وحتى مرحلة التعليم العالى) أو عدم التحاقهم بالدراسة فى العام المقبل. ومن المرجح أن العدد الإجمالى للأطفال الذين لن يعودوا إلى دراستهم بعد انتهاء فترة إغلاق المدارس سيكون أكبر حتى من ذلك. ويؤدى إغلاق المدارس إلى جعل الفتيات والشابات أكثر عرضة لزواج الأطفال والحمل المبكر والعنف الجنسى، وكلها عوامل تقلل من احتمال استمرارهن فى التعليم.
- كان المعلمون حول العالم غير جاهزين إلى حد بعيد لدعم استمرارية التعلم والتكيف مع منهجيات التدريس الجديدة. وفى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لم يتلق سوى 64 فى المائة من معلمى المرحلة الابتدائية و50 فى المائة من معلمى المرحلة الثانوية الحد الأدنى من التدريب، الذى غالباً ما لا يشمل المهارات الرقمية الأساسية. وحتى فى السياقات حيث تتوافر بنية تحتية كافية، يفتقر العديد من المربين إلى أبسط مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مما يعنى أنهم سيواجهون صعوبات فى تطورهم المهنى المستمر، ناهيك عن تيسير التعلم الجيد عن بعد، وقد أبرزت أزمة كوفيد - 19 أن تثقيف المعلمين، الأولى وأثناء الخدمة على السواء، بحاجة إلى إصلاح لتدريب المعلمين بشكل أفضل على استخدام أساليب جديدة لتقديم التعليم.