توقيت القاهرة المحلي 20:54:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دعاة عصر السادات ووهم الوسطية

  مصر اليوم -

دعاة عصر السادات ووهم الوسطية

بقلم: خالد منتصر

الإرهاب فكرٌ قبل أن يكون «كلاشينكوف»، ولن نستطيع أن نجتث جذوره اللولبية قبل أن نفهم من أين أتت بذوره الجهنمية، ويعتبر كتاب الكاتب الصحفى وائل لطفى «دعاة عصر السادات» الصادر عن دار العين، من أهم الكتب التى صدرت والتى تناقش تلك القضية، وهو من ضمن سلسلة مهمة تفرّد بها الكاتب والتى تناقش ظاهرة الدعاة الجدد بعيداً عن استدعاء التراث القديم الذى تخصص وكتب فيه معظم من تصدوا لقضية التنوير وتجديد الفكر الدينى، لذلك فالمساحة التى يتحرك فيها وائل لطفى هى مساحة متميزة وهو قد تعمق فيها وصار من مرجعياتها.

كتاب «دعاة عصر السادات» مختلف عن كتاب «الدعاة الجدد ودعاة السوبر ماركت» لنفس الكاتب فى شىء مهم، وهو أن الدعاة أو الشيوخ فى هذا الكتاب من خريجى الأزهر: الشعراوى والغزالى والسيد سابق وعبدالحليم محمود وكشك.. إلخ، ومعظمهم كان يقدَّم على أنه من رواد الوسطية، خاصة الشعراوى والغزالى، وهناك خطوط تواصل بينهم وبين الإخوان سواء كانت عضوية قديمة أو إعجاباً متبادلاً حتى بعد الخروج أو الانشقاق من التنظيم، وهناك أيضاً أن معظمهم كان بمثابة القيادة الروحية لتنظيمات الجماعة الإسلامية والجهاد فى الجامعة.. إلخ.

ومن هنا تبرز أهمية الكتاب، فالشيخ الشعراوى برغم وفديته وإعجابه بالنحاس، فإنه تواصل تنظيمياً مع الإخوان فى شبابه وقابل مرشدهم وكان معجباً به، والشيخ الغزالى كان عضواً مهماً فى «الإخوان» وصار بعد ذلك قدوة عبدالمنعم أبوالفتوح ومُعلم العريان والجزار، وكذلك الشيخ سيد سابق صاحب فتوى قتل النقراشى كان إخوانياً، وأيضاً الشيخ كشك.

من الممكن أن تقرأ الكتاب قراءة ظاهرية كحكايات ومعلومات صحفية، إلا أن القراءة الأهم هى القراءة العميقة، قراءة الدلالات وما وراء السطور واستيعاب الدروس والاستفادة منها.

الدرس الأول اعتماد السلطة على رجال دين يضربون قيم الدولة المدنية فى مقتل بحجة أن لديهم كاريزما وتأثيراً وجماهيرية هو اعتماد ثمنه فادح، ورهان ومقامرة حتماً ستنتهى بالدمار والخراب، فالشيخ الشعراوى مثلاً كانت له دروس تثير النعرة الطائفية وترسخ لدونية المرأة، وله أيضاً آراء وثقافة تقدم انتماءات الخلافة والأممية الإسلامية على الوطنية المصرية، مثل كلامه عن السجود لله شكراً يوم الهزيمة، وهناك وهم الترويض مثل إلحاق الغزالى وسابق بوظائف مهمة فى الأوقاف.

هناك أيضاً درس الاعتدال المزعوم الذى تفرح به الدولة وهى لا تعرف أن اللحية الإخوانية ما زالت تنمو إلى الداخل، مثلما ظهر مع الشيخ الغزالى، فى تقريره الذى كتبه وبسببه صودرت رواية «أولاد حارتنا»، ثم معركته مع صلاح جاهين، ثم الطامة الكبرى حين منح قتلة فرج فودة صك البراءة، وقال إن ما فعله المجرمون القتلة هو مجرد افتئات!

من الفصول المثيرة والتى بها دروس مهمة، الفصل الخاص بالشيخ عبدالحليم محمود، الذى أيضاً كانت له جسور مع الإخوان وله مقالات فى مجلة الدعوة وطالب بتطبيق الحدود وخاض معارك ضخمة مع قيم أساسية للدولة المدنية، وأرجع نصر أكتوبر لمساندة الملائكة وأهدر قيم العلم والتخطيط والتنظيم التى كانت أساس النصر، هناك درس الخلافات الظاهرية ما بين شيخ محسوب على المعارضة، مثل الشيخ كشك، وبين الرئيس السادات، وتحليل وائل لطفى لهذه النقطة تحليل جديد وبِكر وطازج، فبرغم لغة كشك الساخطة الساخرة والعنيفة، إلا أن ما كان يقوله كان متقاطعاً أو خادماً لرغبات السادات وقتها، فكل أعداء السادات وقتها نالهم من لسان كشك اللاذع نصيب وافر وسخى، ولكن عندما تعدى كشك الخطوط الحمراء تم الاعتقال، كل ما كان السادات يعتبره تافهاً من هجوم كشك على رموز الفن والثقافة فى مصر، كان فى الحقيقة هو الجسر الذى عبرت عليه الفاشية الدينية لتدمير عقل ووجدان الوطن.

وهناك درس آخر وهو أن ترك قامات مثل زكى نجيب محمود وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس لسهام الرجعية الدينية وتهديدات الفاشية السلفية الوهابية، هو تجريف للعقل المصرى وتضحية به فى سبيل كسب ود بعض رجال الدين الذين لهم جماهيرية، تصور النظام وقتها أنها ستسندهم وقت الحاجة، لكن مع السادات كان عدم استيعاب الدرس ثمنه فادح، كان الثمن اغتياله هو نفسه يوم فرحه!

الضبع لا يمكن أن يكون أليفاً، كذلك الإخوانى لا يمكن أن يكون وطنياً

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دعاة عصر السادات ووهم الوسطية دعاة عصر السادات ووهم الوسطية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon