توقيت القاهرة المحلي 00:50:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ضبط وإحضار كتاب والتهمة حيازة عقل

  مصر اليوم -

ضبط وإحضار كتاب والتهمة حيازة عقل

بقلم : خالد منتصر

تمر علينا فى هذه الأيام ذكرى أغرب محضر ضبط وإحضار لكتاب فى تاريخ مصر، ذكرى نكسة ثقافية ورِدة حضارية تعرَّض لها واحد من قمم ورواد التنوير المصرى الحديث، وهو د. لويس عوض، فمنذ ٣٩ عاماً وبالتحديد فى ١٥ ديسمبر ١٩٨١ توجه المقدم حمدى عبدالكريم الذى صار فيما بعد من أشهر ضباط الداخلية المسئولين عن التواصل مع الإعلام، توجَّه لضبط وإحضار كتاب «مقدمة فى فقه اللغة العربية»، وحسب ما ذكر فى حكم محكمة جنوب القاهرة من «أنه تم إخطار مباحث أمن الدولة من إدارة البحوث والنشر بالأزهر الشريف من أنه يتداول بالأسواق كتاب بعنوان «مقدمة فى فقه اللغة العربية»، تأليف الدكتور لويس عوض، وأن الكتاب يتضمن تهجماً على الإسلام والمسلمين، وعلى اللغة العربية والقرآن الكريم، وأن الكتاب يتضمن بعض الموضوعات التى تنال من الإسلام...»، وتضيف المحكمة: «وطلب السيد الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف اتخاذ اللازم قانوناً نحو مصادرة هذا الكتاب حفاظاً على مشاعر المسلمين ومنعاً لحدوث فتنة، وقد تمت طباعة الكتاب بمطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، وقد تم التحفظ على عدد ٢٤٠٠ نسخة من نسخ الكتاب المطبوعة وعددها ٣٢٩٠ نسخة»!!، يعنى أقل من ألف نسخة من كتاب أكاديمى متخصص جداً، يراها الأزهر تدميراً للإسلام ومصدر فتنة.... إلى آخر تلك الكليشيهات والتى كان منها أو على رأسها ازدراء اللغة العربية!!، تلك التهمة التى كفرت لويس عوض، وهو الذى حاول بجهد علمى أن يثبت أن اللغة العربية مثل أى لغة هى طبقات جيولوجية متراكمة، تداخلت فيها وتفاعلت معها لغات أخرى، هى مجرد فروع لشجرة، واستخدم علوم اللغة الحديثة التى تدرس الصوتيات والصرف والاشتقاق.. إلخ، ولكن شيوخ الأزهر اعتبروها إهانة للغة التى كتب بها القرآن والتى هى لغة أهل الجنة، ولم يعترفوا حينها إلا بمنهج ألفية ابن مالك!!، وكالعادة لم يكن الحوار الأكاديمى هو الحل، ولكنها المصادرة والقمع والرعب من سحب البساط والتعرض للنقد وإثارة السؤال فى مجتمع الإجابة الجاهزة، وللأسف هناك ما يشير إلى اشتراك د. رشاد رشدى مستشار الرئيس السادات للشئون الفنية وصديقه الحميم فى التحريض على لويس عوض ومعه صلاح عبدالصبور رئيس هيئة الكتاب وقتها، وهذه قصة أخرى من الممكن أن نفرد لها مقالاً فيما بعد، وكانت النتيجة التى انتهت إليها المحكمة والمكتوبة فى الحيثيات هى المصادرة للأسف، وإليكم العبارات الأخيرة فى الحيثيات التى اعتمدت على تقرير الشيخ عبدالمهيمن الفقى سكرتير مجمع البحوث الإسلامية، والذى ما زال فكره مهيمناً حتى الآن: «ولا يسع المحكمة والحال كذلك إلا أن تقول كلمتها فى هذا المؤلف الملّى بالتحريض على التناحر والفتنة، ويحوى الكثير من الهدم للأسس فى الكون والخلق والحياة والآخرة والدين الإسلامى الحنيف الذى وسع كل شىء حتى المغرضين، وأن تقضى بتأييد أمر الضبط لهذا الكتاب الذى ينال من الإسلام ويتهجم على علماء المسلمين ويصفهم بما ليس فيهم».

انتهت حيثيات حكم المصادرة ومات لويس عوض كمداً وقهراً، لكن لم يمت حكم مصادرة الكتاب حتى الآن، وما زالت مقصلة تقارير وبلاغات محتكرى السماء تنتظر أعناق ألف لويس عوض يقفون فى الطابور.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضبط وإحضار كتاب والتهمة حيازة عقل ضبط وإحضار كتاب والتهمة حيازة عقل



GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 08:18 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 08:15 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

منى زكي في إطلالة فخمة بالفستان الذهبي في عرض L'Oréal

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:56 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

آمال ماهر تتألق في فستان ملكي باللون الأخضر

GMT 11:26 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

"أدنوك" تعتزم طرح 7.5% من أنشطة الحفر في سوق أبوظبي

GMT 21:50 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

استخراج إبرة خياطة من قلب طفلة في الدقهلية

GMT 08:35 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

النحت على خشب الزيتون من أبرز الصناعات في فلسطين

GMT 20:27 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

طريقة اعداد شوكولاتة ساخنة مع الكريمة وصوص الكراميل

GMT 21:58 2015 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

التحقيق مع عمال نظافة مدرسة "اللغات" في الزقازيق

GMT 04:30 2017 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

فاكهة "القشطة الخضراء" تحارب أشرس أنواع السرطانات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon