بقلم - خالد منتصر
تكسب الدولة كل يوم مساحة جديدة فى حربها ضد الإرهابيين فى سيناء، ويحقق الجيش وتحقق الشرطة ضربات موجعة لهم فى العمق، لكن هناك جبهتين غير تلك الجبهة الحربية لا بد أن تدار المعركة فيهما بنفس الانضباط والشراسة، الأولى جبهة الحرب الفكرية ضد الإرهاب نفسه، وهذه كتبنا عنها وما زلنا نكتب. الجبهة الثانية، وهى التى سأتناولها ببعض التفصيل فى هذا المقال، جبهة تعقُّب وتجفيف منابع التمويل الإخوانى، الجبهتان ما زالتا تعانيان من مشاكل، ومساحات المكسب والانتصار فيهما محدودة جداً، بل أكاد أقول «متراجعة»، فلا يستطيع أحد فى مصر الآن أن يجيب عن هذا السؤال: أين ذهبت وتذهب مليارات الإخوان؟ كيف تصل كل تلك الأسلحة التى لا تمتلكها إلا الجيوش إلى الإرهابيين على هذا البعد وذلك الامتداد؟! فى حوارى الذى سأنشره فى «الوطن» قريباً مع «د. مراد وهبة» أشار إلى ارتباط الإخوان بالرأسمالية الطفيلية وكيف انفتح لهم الباب على مصراعيه للتعاون بعد قرارات الانفتاح الساداتية والاستيراد بدون تحويل عملة، فظهر تجار العملة الإخوان، وشركات توظيف الأموال الإخوان أيضاً، وضُخت فى شرايين الاقتصاد الإخوانى المليارات، وأصبحت الدولة تتسول منهم العملة الصعبة.
وبداية، لا بد أن نفهم أن الإخوان لن يضعوا مليماً واحداً فى مصنع أو مشروع إنتاجى يستفيد منه المصريون، ابحث براحتك فى المستندات وفى «جوجل» وفى ذاكرتك ستجد كل ما يعملون فيه ويضعون فيه ملياراتهم نشاطات اقتصادية استهلاكية وطفيلية تضمن لهم فى أى لحظة الطيران بهذه المليارات عبر الحدود إلى قلاعهم الحصينة والتهرب من الضرائب، ما زال تجار العملة معظمهم من الإخوان، ولا رقيب ولا حسيب، حملات بوليسية على فترات ويعود المكتب لممارسة نشاطه ثانية، وأهم ما يدوّر فيه الإخوان ثرواتهم الآن العقارات والأراضى، ومن محيطى الضيق فى الإسماعيلية أعرف وأرى أنه قد خرجت علينا فجأة عمارات وأبراج مرتفعة بطريقة لافتة للأنظار وغريبة على تلك المدينة التى لم تكن تعرف تلك الناطحات للسحاب من قبل، وقد كانت مدينة لها قوانينها الجمالية المنضبطة وارتفاعاتها الأوروبية المعقولة، ناطحات السحاب الإسماعيلاوية الجديدة تحتل أرقى الأماكن وتخالف أبسط الشروط، فهى على شوارع ضيقة جداً، ليس فى معظمها جراجات، لا تحترم شبكة الصرف الصحى المتهالكة، واتضح أن هذا الرواج العقارى خلفه إخوان من داخل وخارج الإسماعيلية، قس على ذلك الإسكندرية والوجه البحرى والقبلى، هل تتابع الدولة ومحافظوها ومجالسها المحلية ومكاتب إسكانها هذا التدوير الإخوانى السرطانى فى تجارة الأراضى والعقارات؟ هل تراقب الدولة سلاسل السوبرماركتات المعروفة بالاسم والتى يمتلكها إخوان وأتباعهم من السلفيين، والتى عندما تدخلها تعرف مباشرة، من المناخ والملابس والملصقات... إلخ، أنك فى فرع طالبان المصرى؟! هل تعرف الدولة من أين للسلفى صاحب السلسلة الشهيرة من المحلات الضخمة والذى ضُبط من قبل فى قضية شهريارية تزوج وجمع فيها بين عشرات النساء ممن كنّ على ذمته فى نفس الوقت، من أين له بكل تلك الأموال التى جعلته يحتل أرقى شوارع مصر ليبيع فيها بعض الهلاهيل من ملابس المحجبات والبضائع الاستهلاكية التى من شروطها ألا يعين فيها امرأة؟! هل تعرف الدولة شيئاً عن المستشفيات والمستوصفات الإسلامية وما تضخه من أموال لصالح الإخوان؟! هل تعرف ما تفعله بعض شركات السياحة والعمرة من دعم لهم؟! اقتصاد الإخوان السرى إمبراطورية لا بد من تعقب خيوطها العنكبوتية المتشابكة، وهذه حرب لا تقل خطورة عن الحرب فى سيناء.
نقلا عن الوطن القاهريه