بقلم : خالد منتصر
تابعت الحلقات الرائعة التى سجَّلها من سورية الإعلامى نشأت الديهى مع الدواعش هناك، وبداية هذا هو الجهد الإعلامى الذى نحتاجه ونريده بالفعل، افتقدنا منذ زمن طويل الإعلامى المحقق الذى يترك تكييفات وكراسى الاستوديوهات لينتقل لمكان الأحداث، ويتفاعل ويعرِّى ويكشف ويمنحنا المعلومة بمنتهى السلاسة والبساطة، وبدون خناق مع الضيوف الذين هم فى منتهى الشراسة والعدوانية أصلاً، وهو الذى يجعل الشعب المصرى يفهم كيف يتم تجنيد هؤلاء؟ وهل فعلاً انتهوا؟ وما هو المستقبل فى ظل مشاتل الصبار التى تمنحنا الشوك التكفيرى والمر الجهادى كل يوم؟ لذلك أقدم له التحية على هذا المجهود الذى سيثمر تنويراً على أرض الواقع.
تدق هذه اللقاءات أجراس إنذار متعددة، وترسل رسائل تحذير، من أهم تلك الرسائل أن ردم المستنقع الذى يبيض فيه الذباب أهم ألف مرة من استخدام المبيدات الحشرية أو مضارب الذباب لقتله ومطاردته، كان هناك لقاء مرعب مع منتقبات جهاديات مصريات، يتكلمن بمنتهى الشراسة والتصميم والقسوة والعنف وأيضاً الجهل، كلاماً عن أحلام الخلافة الإسلامية وحق «داعش» فى استعادة الإسلام ونشره.. إلخ، المهم أن المهنة المشتركة لكثيرات منهن «مدرِّسة»، بل منهن من كانت مديرة مدرسة وزوجها مدير مدرسة، والاثنان اتجها -كما قالت- إلى الجهاد دفاعاً عن دين الله، إنه التعليم الذى خططوا لاختراقه منذ عشرات السنوات، وليست صدفة أن حسن البنا كان مدرِّساً، هم كائنات طويلة النفس، ويمارسون تلك الدعوة التكفيرية بأسلوب الماراثون، ولذلك يراهنون على التعليم والمستقبل حتى ولو وصلوا لكرسى الحكم بعد ثمانين عاماً، إنه المشتل الذى يمنحهم كل يوم آلاف الرؤوس الممسوحة الممسوخة بخطابهم المزيِّف للوعى، خطابهم الماضوى الفاشى المرسخ للتخلف، اختراق التعليم كان -وما زال- خطتهم وهدفهم وبُغيتهم المقدسة، اللعب بالعقول وفى العقول لتكوين جيل منسحق كالقطيع، من السهل أن يخرج التلميذ من قبيلة الفصل الدراسى القاتل للنقد وللسؤال، ليدخل الجماعة ويصير جهادياً حيث يتلقفه الأمير الذى هو «كوبى بيست» استنساخ من مدرِّسه ومعلمه السابق، هذا كان يحشو دماغه بمحفوظات مدرسية، وذاك يحشوها بتلاوات تراثية تكفيرية، الأول يقول له اقرأ ملخصات الدروس الخصوصية ولا تبحث أو تسأل، والثانى يقول له اقرأ تفسير سيد قطب وفتاوى ابن تيمية ولا تجادل يا أخى.
المجاهدات المدرسات الإخوانيات والسلفيات هن الخطر القادم، هن مصدر إعادة التدوير الإخوانى، نفايات الإخوان ما زلن يدخلن فى صناعات العقول المصرية، الموضة الجديدة المسماة داعيات دروس العشاء فى المساجد، اللاتى هن غير مراقبات، تبث كل منهن سمومها فى عقول سيدات مصر فى تلك الدروس المنظمة الممنهجة التى تعلمهن كراهية الحياة وثقافة الموت والعداء للآخر والانسحاق للجماعة، هؤلاء هن خلطة الشر التى لم ننتبه إليها حتى الآن.. وما زال للحديث بقية.