توقيت القاهرة المحلي 07:14:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عبدالرحمن الشرقاوى والاختيار الذكى

  مصر اليوم -

عبدالرحمن الشرقاوى والاختيار الذكى

بقلم - خالد منتصر

أحسن د. هيثم الحاج على، رئيس هيئة الكتاب، صنعاً باختيار الكاتب الكبير عبدالرحمن الشرقاوى شخصية المعرض لهذا العام، اختيار ذكى له دلالة قوية ويبعث برسالة مهمة، وهى أن الثقافة ليست لحظة فوران سرعان ما تخمد، بل إنها معركة طويلة ضد الجهل والتخلف، وأن معرض الكتاب هو رسالة تنوير تستفز وتوقظ وتحفّز وتحرّض، وليس مجرد رفوف عليها كتب خرساء فى قاعات للبيع والشراء، فقد عاش «الشرقاوى» حياته كلها من أجل إرساء قيمة الحرية، لم يبع قلمه ولم يؤجر عقله وثقافته شقة مفروشة لشخص أو نظام، خاض معركة الحرية وصوته من دماغه ورزقه تحت ظل قلمه الحر الأبىّ فقط، ليس على مستوى المضمون الذى يكتبه فحسب، ولكن حتى على مستوى الشكل، فقد خاض تجربة الشعر الحديث والشكل الجديد لقصيدة النثر، ربما قبل كل الأسماء التى صارت بعد ذلك من روّاده، سواء فى مصر أو العراق، وكان النموذج المحتذَى قصيدته الشهيرة «من أب مصرى إلى الرئيس ترومان». وعلى مستوى المسرح الشعرى فقد كانت نقلته نوعية ثورية تجاوزت شوقى وعزيز أباظة، وظهرت فيها حيوية الدراما، وصارت مسرحاً شعرياً وليس شعراً ممسرحاً!

وعلى مستوى الشكل الصحفى كان تعاونه مع الرسام حسن فؤاد فى مجلة «الغد»، وهو ما زال فى العشرينات، يدل على رؤيته المستقبلية لشكل الصحافة الذى سيحتل فيه الرسم والصورة المكانة الأهم، وكان الشرقاوى، صاحب رواية «الأرض»، هو الفلاح صاحب مشتل بذور الكتابة الجديدة، ففى مجلتَى «الغد» و«الفجر الجديد» ظهرت وكتبت تقريباً كل أسماء الستينات اللامعة فى القصة والرواية والشعر والمسرح، أما فى الكتابات الإسلامية فقد كان متفرداً صاحب منهج مختلف فى تناول الشخصيات الإسلامية، ولا يمكن أن ننسى زاوية الرؤية الطازجة البكر فى كتاب «محمد رسول الحرية»، والدراما الملحمية فى مجلده الضخم «على إمام المتقين». الحرية دائماً كانت هدفه ومبتغاه، وأيضاً كانت خنجره الذى طعن به فى معارك كثيرة أثخنت روحه المتوثبة بالجراح، دخل معركة مع نظام عبدالناصر حين انتقد قرار حرب اليمن فى مسرحية «الفتى مهران»، خاض معركة مع مؤسسة الأزهر حين رفض شيخ الأزهر عبدالحليم محمود عرض المسرحية بعد أن كادت تخرج إلى النور، وبعد أن أنهى المخرج كرم مطاوع البروفات واختار عبدالله غيث لبطولة المسرحية تم منع المسرحية ولم تُعرض حتى الآن، وظلت وشماً قبيحاً ووجعاً مخجلاً فى جسد الثقافة المصرية، المعركة الثانية كانت مع السادات وتوصيف الشرقاوى لانتفاضة يناير، فقد كان الشرقاوى رئيساً لمجلس إدارة «روز اليوسف» وقتها، وأصدر السادات قراره بعزل رئيسَى التحرير صلاح حافظ وفتحى غانم لقولهما إنها انتفاضة شعبية، كان الشرقاوى بذكائه ورفعه لسقف الحرية قد رفع توزيع «روزا» من خمسة آلاف نسخة إلى ما يزيد على مائة ألف نسخة، وخاف السادات من هذا التأثير المذهل، أصر الشرقاوى على عدم عزل حافظ وغانم، فعزله السادات من مجلس الإدارة، واغتيلت روز اليوسف وقتها بتعيين مَن أعادها إلى زمن الخمسة آلاف نسخة.

عبدالرحمن الشرقاوى ثورة مسرحية وشعرية وروائية وصحفية وسينمائية، وقبل كل ذلك ثورة إنسانية، فقد كان إنساناً جميلاً عاش حياة قصيرة لكنها حياة ثرية معطاءة تركت بصمة عميقة فى القلب والعقل لدرجة أننا ما زلنا نتذكره بنفس قوة الحضور ورائحة عطر الوجود بعد أكثر من ثلاثين سنة على وفاته فى أكبر محفل ثقافى عربى وهو معرض الكتاب

 

 

نقلا عن الوطن القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبدالرحمن الشرقاوى والاختيار الذكى عبدالرحمن الشرقاوى والاختيار الذكى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon