بقلم: خالد منتصر
عندما قرأت فى عدة صحف عن حملات تنظيف المقابر، التى شملت عدة محافظات، فرحت وسعدت لأننى اعتقدت أنها حملات لتنظيف المقابر من أكوام القمامة وأطنان الزبالة والتى تحولت إلى عذاب قبر بعد أن كانت عذاب دنيا فقط!، لكنى اكتشفت أننى كنت ساذجاً، وأن سقف توقعاتى ورهاناتى ونياتى الحسنة كان مرتفعاً جداً، فالمبادرات والحملات والانتفاضات هى من أجل تنظيف المقابر من الأحجبة والأعمال السفلية، يشارك فيها شباب وشيوخ ومسئولون محترمون وخريجو جامعات.. إلخ، هى ليست مبادرة من دجّالى شمهورش أو فاتحى المندل، وحملة غير مقصورة على بيوت النصابين من سماسرة الربط وفك العمل وعلاج مس الجن، لو كانت مقصورة على هؤلاء لهان الأمر، واعتبرناها بيزنس دجل محدوداً وموجوداً مثله فى مناطق أخرى، لكن أن تنتفض القرية عن بكرة أبيها، وتشكل مبادرات وتقوم حملات، فهذا هو الأمر الصادم الذى لا بد أن يدق ناقوس الخطر. عقل مصر يتعرض لكارثة، العقل مغيّب بالخرافة، وثورتنا الحقيقية لا بد أن تكون ضد تلك الخرافات والأوهام والهلاوس، فى أحد التحقيقات الصحفية للزميلة «اليوم السابع» فى أسيوط لتغطية حملة تنظيف المقابر هناك، من ضمن التصريحات التى قيلت إن أصحاب القلوب المريضة يقومون بعمل الأسحار، التى غالباً ما تكون على الملابس أو الصور وتكون مكتوبة بطلاسم أو مبلولة بمياه تمت القراءة والتعزيم عليها، وبعد ذلك يفتحون القبر المغلق على الموتى ويضعون السحر، ثم يغلقون القبر مرة أخرى ولا يتم اكتشاف هذا الأمر إلا فى حالة القيام بدفن ميت جديد، فنجد وقتها أشكالاً متعددة، سواء كانت ملابس، وخاصة الملابس الداخلية لرجل أو لسيدة أو كانت للأطفال والقصد هو عدم الوصول للسحر وفكه، وكل ما نقوم به بعدها هو إشعال النيران فى هذه الأسحار لإبطالها فور العثور عليها ورشها بالماء والملح لإبطال أى أذى يقع بسببها»، أما فى أجهور طوخ بمحافظة القليوبية، فقد رصدت الزميلة «البوابة» تنسيقاً كاملاً ما بين شباب القرية والشرطة لمطاردة أصحاب التمائم والأعمال والأحجبة والتعاويذ من خلال اللجان الشعبية!!، معقول الكلام ده؟!!، أما لماذا انتفضت تلك القرية؟، اقرأ السبب العجيب: «عثر عدد من شباب قرية أجهور الكبرى التابعة لمركز طوخ فى القليوبية، اليوم، على طلاسم وأعمال سحر وأحجبة بالأسماء خلال حملة تطهير لمقابر القرية من أعمال السحر والشعوذة، ووجد الشباب أكفاناً وأوراقاً مكتوباً عليها أسماء وصور بعض الأهالى الغرض منها الطلاق والتفرقة بين الأهالى والمرض والكسل والجنون»، وقد أعلن صاحب مبادرة تنظيف المقابر فى قرية قرنفيل بالقناطر عن حصيلة ما تم ضبطه فى مداهمات المقابر قائلاً: «بلغ إجمالى عدد الأعمال التى تم العثور عليها بمقابر الـ5 قرى 140 عملاً أسود، وتم على الفور بمشاركة مشايخ تلك القرى العمل على إبطالها، مشيراً إلى أن فكرة المبادرة جاءته، حينما وجد بعض طلاب القرية الذين تميزوا بالتحصيل العلمى والحصول على المركز الأول على مدار سنوات طويلة، تدهور بهم الحال وأصبحوا يكرهون المدارس بشكل لا يصدق، فعكف على تدشين المبادرة»، الطلاق وعدم مذاكرة الطلبة والعنوسة والعجز الجنسى هى أهم الأسباب التى دفعت تلك الآلاف إلى العمل بجد ونشاط وحماس لكشف الأعمال السفلية!، وبرغم تصريح النائبة د. آمنة نصير بأن تلك الأعمال تمس صحيح الدين وتخرج عن الملة، وتخرج الإنسان الذى يفعلها من دائرة الإيمان، فإن أن العمل ما زال يجرى على قدم وساق وبمنتهى الهمة لدرجة أننى لا أستبعد، مطالبة سكان تلك القرى بتكوين هيئة وطنية لفك الربط والأعمال السفلية!.