توقيت القاهرة المحلي 10:37:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التفوق بالجينات والرعب القادم

  مصر اليوم -

التفوق بالجينات والرعب القادم

بقلم: خالد منتصر

«رعب أكبر من هذا سوف يجىء لن ينجيكم أن تعتصموا منه بأعالى جبل الصمت»، تذكرت تلك الجملة المسرحية الخالدة لصلاح عبدالصبور بعد أن شاهدت الحلقات الوثائقية الرائعة والصادمة والمدهشة التى قدمتها قناة نتفليكس، الحلقات عنوانها un natural selection، استغرق تصويرها ثلاث سنوات، وهى تفتح نافذة مبشرة ومرعبة فى نفس الوقت، فقد بدأ الإنسان يتحكم فى الطبيعة، وفى مسار التطور الداروينى الذى كان يتم على مهل وينتصر للأكثر ملاءمة لظروف الحياة، فتنتقل الجينات وتطبخ الصفات عبر ملايين السنين، لكن الجديد الذى يعرضه هذا الفيلم ويفتح قمقم مصباحه هو التطور المقصود والمدبر والمتعمد بعد فك شفرة «الجينوم» واكتشاف تقنية «كريسبر» السحرية، فى بداية القرن الحادى والعشرين، أعلن الرئيس الأمريكى «كلينتون» الانتهاء من مشروع الجينوم الذى وصفه الرئيس بكتاب الحياة، وهو بالفعل كتاب الحياة الذى تتكون أبجديته من أربعة حروف، أما «كريسبر» فهو تقنية المقص السحرى، قص ولصق الجينات، الاستغناء عن الجين المعطوب ولصق الجين السليم، إعادة تصميم الباترون الإنسانى، لكن أين الرعب الذى كشف عنه الفيلم الغطاء؟، والسؤال الأخطر أين موقعنا نحن الدول الفقيرة التى تتفرج من المدرجات على ملعب البحث العلمى بفرقه البرشلونية والريال مدريدية؟!، الرعب هو أن تلك التقنيات والأدوية الجينية الجديدة ستظل احتكاراً للدول الغنية بل الشريحة الأكثر ثراء داخل تلك الدول، فالحلقات تتحدث عن صراخ وشكاوى الأمريكان أنفسهم من ارتفاع تكلفة تلك الأدوية، فهناك دواء تكلفته ٨٠٠ ألف دولار، والآخر تكلفته نصف مليون دولار.. إلخ، كيف ستحل تلك المعضلة؟، نحن أمام مرحلة فاصلة ستكتب نهاية عصر صيدليات الأرفف والبرطمانات وشرائط البرشام، نحن مقبلون على زمن ورش الصيانة الآدمية بالقص واللصق الجينى، الفيلم يتابع بشكل متوازٍ قصص مرضى من الذين نصنّفهم كحالات ميئوس منها تنتظر الموت، ومنها ما ينتظر العمى مثل الطفل المرشح لفقد البصر كلياً بمرض وراثى أصاب شبكيته التى هى خلايا عصبية مستحيل تجدد الميت منها، الحالات الأخرى منها حالة إيدز، ومنها حالة ضمور عضلات بسبب خلل فى النخاع الشوكى، شركات أدوية قدمت الحل، لكن الحل بتكلفة مرعبة، والمبرر هو ارتفاع تكلفة الأبحاث العلمية نفسها، وهى بالفعل تكاليف بالمليارات، لكن أيضاً هامش الربح كبير ومن الممكن ضغطه وتخفيضه، الفيلم يفتح الكاميرا على قضية أخرى غريبة على وعينا وتخيلنا، وهى قضية القراصنة أو الهاكرز البيولوجيين!!، وهم الذين يواجهون هذا الاحتكار من ديناصورات صناعة الدواء، ويقررون إجراء أبحاثهم وتطبيق تقنية كريسبر فى المنازل والجراجات والمطابخ، منهم من يحقن عضلاته بجين معين يضخّم ويقوّى العضلات، ومنهم من يحول كلابه لكلاب مضيئة بالهندسة الجينية، ومنهم من يضرب مرض الإيدز بتركيبة منزلية جينية!!، خيال علمى يتحول إلى حقيقة وواقع، تلعب فى الجينات وتقص وتلصق بسهولة وكأنك تجهز ساندوتش شاورما!، التوقعات مخيفة وتحمل فى رحمها سحقاً ودهساً وفرماً للغلابة، فهناك شعوب ستتحول إلى سوبرمانات، ستحدد درجة ذكائها وقامة رجالها ولون عيون أطفالها وجمال نسائها بالهندسة الجينية!، هناك شعوب ستصبح أمراضها الخطيرة فى متاحف الأنتيكات، وشعوب أخرى ستزداد أمراضها وتتفاقم آلامها بسبب أنها قد سلمت عقولها للخرافة وقفزت من قارب العلم للمجهول، ألم أقل لكم فى البداية: «رعب أكبر من هذا سوف يجىء»!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التفوق بالجينات والرعب القادم التفوق بالجينات والرعب القادم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon