توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسالة مـن تونس

  مصر اليوم -

رسالة مـن تونس

بقلم: خالد منتصر

وصلتنى من الباحثة التونسية المتميزة هاجر خنفير تلك الرسالة، وأترك المساحة لها لأهمية الموضوع:

«احتد الجدل حول مفهوم الحريات الفردية وحقوق الإنسان داخل تونس وخارجها إبان صدور قرار رئيس الحكومة التونسى الصادر يوم 5 جويلية الفارط، والقاضى بمنع كل شخص غير مكشوف الوجه من دخول مقرات الإدارات والمؤسسات والمنشآت العمومية. ويعود هذا القرار إلى ما يتهدد أمن البلاد وسلامة مواطنيها من خطر الهجمات الإرهابية على غرار التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا رجال الأمن فى يوم واحد، 5 جويلية، ونجم عنهما وفاة شخصين، وإصابة مجموعة من المواطنين وقد تبناهما نظام داعش. وتبعاً لهذا القرار فإن المنع ليس مطلقاً فى الزمان والمكان، بل هو مرتبط بظروف تستدعى أقصى الحذر أمنياً بما أنها مرحلة الإعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة من جهة، والموسم السياحى الواعد من جهة أخرى. ثم إن هذا القرار لا يخص إلا الفضاءات المؤسساتية، أى أنه لا يشمل غيرها من الفضاءات العامة كوسائل النقل، والملاعب، والحدائق العامة.

ورغم ظرفية القرار وعدم إشارته إلى دال لباسى أو فئة اجتماعية محددين، فإنّه أفضى إلى نقاش يتعلق بمقوّمات المواطنة من قبول المختلف واحترام حقوق الفرد وحرياته ودولة القانون.. واللافت للانتباه أن المدافعين عن القرار والرافضين له يتفقان فى الاستناد للمرجعية ذاتها باعتبارها مصدر الحجة والحجة المضادة، فقد علل الخصوم موقفهم بأنه متضارب مع حرية اللباس، فكيف يُمنع النقاب والبوركينى، ويُسمح بلباس المينى جيب والبيكينى؟ ويضيفون إلى ذلك الرمزية الدينية لهذا اللباس، فيصير منعه شكلاً من أشكال محاربة الإسلام وعدائه، وانتهاكاً لحرية الضمير، ويرى بعضهم أنها محاولة عابثة فى مكافحة الإرهاب، لأن طرق التنكر تتجاوز اللباس فقد يكون الانتحارى يافعاً وقد يغير ملامحه بعملية تجميل، أو بخضوعه لقانون اللباس المتعارف عليه اجتماعياً.

لا يتعلق الأمر بحيلة قانونية لإقصاء فئة من المواطنين (ات) ارتضوا الحضور الشبحى داخل الجماعة أو سبيلاً لقمع حرية الضمير التى تحيل عليها هذه الدلائل اللباسية (النقاب/ الجلباب)، أو محاولة اعتداء على الحرية الشخصية بإخضاع الجميع لإظهار الوجه، رغم أنه من أوليّات التفاعل البشرى.. بل هو قرار ضرورى ويحتاج إلى التعميم إن كنا ننتمى حقاً إلى دولة، فأى دولة تلك التى يكون أفرادها غير آمنين على وجودهم، أو ضامنين لحرمة أجسادهم؟ وكيف يطالب هؤلاء المدافعون عن ظلال البشر بحقوق يتعسّر الحصول عليها فى حال التوتر الأمنى؟ وإذا كان الانتحاريون قد اختاروا النقاب، أو اللثام، أو القناع أداة للاعتداء على حق الحياة، ففى ذلك نظر، إذ إن المنتقبة اختارت أن تكون بلا وجود مدنى، أى إنها تعكس بمرورها المحجوب فى الفضاء العام قطعاً مع العقد الاجتماعى، ونقطة عطّالة أو استقالة مدنية وتمثيلية جسد مشطوب، يرى كل شىء، وهو المتوارى عن العيون، ما يجعله أفضل طريقة لارتكاب الجريمة، أو لانتهاك العقد الاجتماعى. وهكذا فبين مَن اختارت النقاب لباساً، ومن اختاره قناعاً وجه اتفاق خطير هو اختيار الانفصال عن الحياة المدنية والنظر إلى المجتمع على أنه عالم عبور كريه تضطر هى إلى حماية نفسها منه بالنقاب، ويتعمّد هو طريق التكفير والتفجير، متوسلاً جسده الفانى أداة لإفناء أجساد المدنيين، فهل يحق لكارهى الدولة المدنية وأعدائها المطالبة بحقوق تخص مَن تمثلوا قيم المواطنة؟ وكيف لبعض أنصار الحريات وحقوق الإنسان أن يحتجوا ضد قرار يهدف إلى حماية حرمة الحياة؟».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة مـن تونس رسالة مـن تونس



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon