توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«تشرنوبل»

  مصر اليوم -

«تشرنوبل»

بقلم: خالد منتصر

«السذاجة من شيم العلماء، نصبّ كامل تركيزنا فى البحث عن الحقيقة فيفوتنا النظر فى قلة عدد من يريدنا أن نجدها، لكن الحقيقة موجودة دائماً سواء شئنا أم أبينا، لا تهتم الحقيقة برغباتنا ولا احتياجاتنا، لا تهتم بحكوماتنا ولا بعقائدنا، ستبقى متربصة أبد الدهر، وهذه أخيراً هى هدية تشرنوبل»، تلك الكلمات التى قالها الفيزيائى السوفيتى فاليرى ليخاسوف كانت خاتمة مسلسل «تشرنوبل» قبل نزول كلمة النهاية، لكن هل تلك هى نهاية مطاردة الحقيقة والتعتيم عليها؟، هل هذا آخر ما سيدفعه العالم ثمناً للأكاذيب؟، تشرنوبل هى أخطر كارثة صنعتها يد الإنسان نفسه ليدمر نفسه، كما دمر وذبح إيفان الرهيب ابنه وشاهدنا لحظة جزعه ورعبه فى اللوحة المعلقة فى مدخل الكرملين، التى كان يجلس أمامها كل من ينتظر لقاء المسئول السوفيتى الأكبر أثناء خطة حل الكارثة، المسلسل من أفضل المسلسلات فى تاريخ الدراما، على الرغم من أنه خمس حلقات فقط، احتل هذا المسلسل قبل أن ينتهى حتى عرض آخر حلقاته قائمة أعلى المسلسلات تقييماً على موقع «آى إم دى بى» بنسبة 9.6 من 10، بينما جاء «صراع العروش» فى المركز السادس، وعلى عكس «صراع العروش»، الذى أخذت تقييمات حلقاته النهائية فى التراجع على موقع «آى إم دى بى» حتى وصلت حلقته الأخيرة إلى تقييم 4.3، حافظ «تشرنوبل» على التقييمات المرتفعة التى وصلت إلى 9.9 فى الحلقة الأخيرة، المسلسل من كتابة كريج مازن، وإخراج جون رينك، وهو إنتاج مشترك بين شبكة «إتش بى أو» الأمريكية، وشبكة «سكاى» البريطانية، ولكى نتعرف على كم الجهد الرهيب والإتقان يكفى أن نعرف أنه قد تم إعادة إنشاء مدينة بشكل مماثل لتشرنوبل فى ليتوانيا وعثر المنتجون على مفاعل نووى متوقف عن العمل فى فيزاجيناس شمال شرق ليتوانيا، ليستخدم فى تصوير اللقطات الخارجية والداخلية، وهو من نفس نوع وتصميم مفاعل تشرنوبل، هذا عن التقنية والجهد الإنتاجى والإتقان المهنى، لكن الأهم فى نظرى هو الإتقان الفكرى والصدق الإبداعى والجسارة والجرأة النقدية فى فضح الممارسات التى تفرزها البيروقراطية العفنة وتسمم المناخ العام بنقص أكسجين الحرية، آلاف الضحايا، مدينة كاملة محظورة، سرطانات تنتشر فى أجيال بعد أجيال، أطفال وأجنة يمتصون الإشعاع لإنقاذ الأمهات، حيوانات نافقة ومزروعات ذابلة وأراضٍ تحولت لمدافن رعب، علماء تآكلت جلودهم وصاروا أشباحاً آدمية، جدارية رعب وفزع، والسبب ركام الأكاذيب وكراهية الحقيقة، نظام يبحث عن تجميل وجهه القبيح ليخفى الدمامة تحت ماكياج البروباجندا، الحزب الشيوعى السوفيتى كان همه فقط صورته الخارجية، عندما ذهب السياسى نائب رئيس الوزراء مع عالم الفيزياء والكيمياء والطاقة الذرية، كان يحتقر العلم ويحتكر القرار، أمره بأن يلخص له كيف يعمل المفاعل الذرى؟!، أراد أن يختزل علم سنوات فى ثرثرة سفر!، فى نهاية الحلقات أيقن أنه لو احترم العلم ما كانت الكارثة، صارح العالم شعبه فى المحكمة ولم يكذب عليه، كان الثمن هو السجن الذى قاده إلى الانتحار، لكنه كان قد أنقذ باقى المفاعلات النووية من هذا المصير المأساوى الرهيب، وأنقذ كل أوروبا الشرقية بل كل العالم.

مسلسل «تشرنوبل» مسلسل لا بد أن تشاهدوه، رائع على قدر صدمته، كاشف على قدر ألمه، صادق على قدر رعبه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تشرنوبل» «تشرنوبل»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon