بقلم: خالد منتصر
المغرب وطن يحتفى كل يوم بحدث ثقافى أو مهرجان فنى، شعب يعشق البهجة ويناضل من أجل التنوير ويمتلك قاعدة مثقفين جيدة متواصلة مع مثقفى فرنسا الكبار، يساعدهم على ذلك إتقانهم الفرنسية وتعليمهم الجامعى الراقى، خاصة فى مجال العلوم الإنسانية، مهرجان تويزا فى طنجة الجميلة التى يحتضنها البحر والمحيط، هو واحد من أهم تلك الاحتفاليات الثقافية التى تستضيف كبار مثقفى العالم العربى، وتقوم إدارة الجمعية المشرفة على المهرجان بجهد لا تستطيع إنجاز مثله مؤسسات البترودولار الغنية، برغم أن المهرجان ينتمى للأمازيغ فهو لم يأخذ قط شكل المهرجان الضيق المحدود المحصور المحاصر، بل على العكس انفتح على كل التيارات والأعراق والشعوب، أسماء كبيرة حضرت وتألقت وأثارت زوابع فكرية وصدمات حضارية وحركت مياهاً راكدة فى عقول من تكلست لديهم الجماجم وصاروا أسرى السمع والطاعة، والجميل والمدهش أيضاً أن الزلازل والبراكين الفكرية جاء معظمها من مفكرتين اشتهرتا بجرأة الصدام مع المستقر الذى هو عندنا مرادف الراكد، الأولى هى الكاتبة اللبنانية جمانة حداد، التى تحدثت عن الانفجار الجنسى، والثانية هى الباحثة التونسية هدى الوردى التى تحدثت عن رهانات التنوير الذى لن يحدث إلا بنقد الماضى على أسس بحثية علمية، مهرجان مهم ورائع نحتاج مثله المئات فى زمن الكسل الثقافى والتطرف الفاشى وثقافة الكراهية.
لا يوجد فى طنجة كومباوندات الساحل المغلقة المصمتة، هناك أجمل كورنيش، البحر مفتوح لكل الناس وليس مُصادَراً لصالح قلة تغلقه لحسابها ثلاثة أشهر فى العام، لا يوجد فندق مبنى مباشرة على البحر، فهذه المياه الفيروزية ملك لكل المواطنين أثرياء وفقراء.
تجربة «البراق» فى المغرب تجربة لا بد أن ندرسها عندنا بعناية، البراق هو الاسم الذى اختاروه هناك للقطار فائق السرعة، المسافة من طنجة للدار البيضاء التى كانت تستغرق خمس ساعات، صارت تستغرق ساعتين فقط، ينطلق القطار كالرصاصة، فى منتهى الدقة والأمان، انضباط وجمال ونظام ونظافة فائقة، دورات المياه خمس نجوم، لو نفذناه من القاهرة للإسكندرية سيستغرق أقل من ساعة لو لم يتوقف فى محطات!!.
العمل الأهلى الاجتماعى فى منتهى النشاط فى المغرب، فى مجال التنوير فقط مئات الجمعيات التى يصرف عليها المجتمع المدنى ويتبرع لها الأفراد العاديون، وهى تعمل بمجرد الإشهار، على رأس تلك الجمعيات جمعية مغرب الأنوار التى يشرف عليها مثقف جميل ورجل أعمال ذكى هو الأستاذ عبدالإله العمرانى، مجتمع يموج بالأفكار الحرة ويحاول الخروج من عنق زجاجة التطرف الذى يريد جر الوطن إلى متاهة التناحر.
اليهودى المغربى مواطن فاعل فى المغرب له كامل الحقوق، لا يُنظر إليه تلك النظرة المتربصة الكارهة المشوشة التى ينظر بها باقى العرب إليه، اليهودى هناك يسهم فى نهضة المغرب، يمثل قوة اقتصادية فى خدمة الوطن، يمارس طقوس عبادته بمنتهى الحرية، يصل إلى أعلى المناصب بدون عرقلة أو اضطهاد أو منع.
أحمد عصيد مناضل أمازيغى مغربى عنيد، قوى الحجة، واضح الموقف، شجاع الطرح، منطقى التحليل، سعيد بمعرفته والاستماع إليه، معجب بموقفه الثابت غير المتلون، هو مكسب للثقافة العربية وبصمة متميزة وإنسان يترك وشماً على جدار القلب والعقل.