بقلم: خالد منتصر
أهم ما فعله مسلسل «الاختيار» هو أنه قد استفز الشباب لقراءة تاريخ الإرهاب والإرهابيين فى مصر، ولذلك أنصح بقراءة بعض الكتب الجذابة سهلة الهضم لهؤلاء الشباب لفهم سيكولوجية تلك الضباع التكفيرية. على رأس تلك الكتب أرشح كتاب «أمراء الدم» وقد أشرت إليه فى عدة مقالات من قبل وأكرر الإشارة إليه اليوم، الكتاب للباحث المجتهد ماهر فرغلى، الذى أعتبره من أهم باحثى الحركات الإسلامية فى مصر، أهم ما فى الكتاب من وجهة نظرى هو الوصول للخيط المشترك الذى يربط أمراء الدم والإرهاب من سيد قطب إلى «حبارة» مروراً بـ«بن لادن» و«الظواهرى» و«البغدادى» وحازم أبوإسماعيل وشكرى مصطفى وعاصم عبدالماجد.. إلخ، فالكثير من علماء الاجتماع حاولوا الربط ما بين الفقر والإرهاب ولكن ظهور أمثال بن لادن والظواهرى وغيرهما جعل هذا الربط غير صحيح، حاول البعض تفسيره بجهل الإرهابى وأيضاً لم يقبل هذا التفسير، فالكثير منهم وصل إلى أعلى درجات التعليم، بل منهم أساتذة فى الجامعات حاصلون على الدكتوراه، وكذلك التفسير بالبيئة الاجتماعية أو عدم السفر للخارج.. إلخ، كل ما سبق من الممكن أن يكون عوامل مساعدة أو محفزة عند معظم المنخرطين فى التنظيمات الإرهابية، لكن ما زلنا نبحث عن الخيط المشترك، خاصة بين قادة التنظيمات الذين اختار منهم «فرغلى» أكثرهم شراسة وتأثيراً، الخيط والعامل المشترك -ولا أقول الوحيد- هو الاضطراب النفسى والشخصية السيكوباتية، كلهم بلا استثناء لديهم عقد ومشاكل نفسية عميقة وجدت ضالتها وحلها فى تقمص دور القائد والعيش فى أحلام يقظة الزعامة والتحريض على الدم والغرق فى الهلاوس والضلالات المغلفة بغلالة دينية وشعارات طائفية، تسيطر عليهم البارانويا وتحكمهم مجموعة من اليقينيات الفولاذية والبديهيات الجرانيتية.. حكايات ماهر فرغلى فى كتابه تحتاج محللين نفسيين وأساتذة اجتماع أكثر من خبراء الأمن، لا يمكن أن نمرر فشل قصص الحب عند سيد قطب دون الوقوف عندها والتمعن فيها، عندما عاد من القاهرة لأسيوط فوجد معشوقته تُزف إلى رجل آخر، أما المعشوقة الثانية فقد أخبرته وهى تبكى فى حفل الخطوبة بأنها تعشق ضابطاً فى الجيش، لا يمكن أن نتغاضى عن إحساس العظمة الزائف الذى أوحى إليه بأنه أفضل من «العقاد وشوقى».
وبالطبع لا بد أن تأخذنا المفاجأة حين نعرف أنه ذهب إلى أمريكا فلم تلقحه ببذور الحرية، إنما زاد فيها تعصباً وانغلاقاً لأنه لم يرَ فيها إلا الخلاعة الجنسية!!
هل من الممكن أن يكون شوقى الشيخ، مؤسس جماعة الشوقيين، صحيحاً نفسياً؟!، مَن كان يركب الحصان ويحمل سيفاً فى القرن العشرين لتغيير المنكر ويطلق الرصاص على الراديو لمنع الفسق ويفتى للمرأة التى يغيب عنها زوجها ستة شهور بممارسة الجنس مع أخيه؟!، هل هذا الشخص ليس مختلاً نفسياً؟، هل نستطيع التغاضى عن تبليغ «الظواهرى» عن زملائه والتسبب فى القبض عليهم ومعاملتهم الفظة له بعد ذلك فى أنها قد دفعته إلى هذه الشراسة والوحشية فى مجاهل جبال أفغانستان كنوع من التعويض؟!، هل من الممكن أن نحكى قصة شكرى مصطفى، الإخوانى زعيم «التكفير والهجرة» دون ذكر زواج أبيه العمدة من راقصة (غازية) وضرب أمه ضرباً مبرحاً لأنها أبدت اعتراضاً ثم طردها هى وطفلها الذى صار فيما بعد أيقونة للفاشية والجنون والعنف الهستيرى فى عالم التنظيمات الجهادية؟!!، وكذلك «حبارة» الذى يحكى بمرارة عن انفصال والده عن أمه بعد 13 سنة زواجاً وتركه هو وإخوته لا يستطيعون استكمال تعليمهم!!، قصص كثيرة تشير إلى مواطن الخلل النفسى الذى أعتبره المطبخ الحقيقى الذى أعدت فيه تلك الطبخة الإرهابية بأدوات الطبخ من كتب صفراء وفتاوى دعاة وأفكار كهفية ظلامية قابعة فى جماجم أسمنتية، ابحث عن الماضى النفسى للإرهابى لتستطيع فهم حماقاته وجنونه ودمويته.