توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا أقول لابنى الطبيب كى لا يهاجر؟

  مصر اليوم -

ماذا أقول لابنى الطبيب كى لا يهاجر

بقلم: خالد منتصر

ابنى فى نهائى كلية طب ويعشق مصر حتى النخاع، ومنتهى طموحه أن يشارك فى العمل الاجتماعى ويخدم الناس، وكان يقول لى إن علاقاتك الطبية وظروفنا الاجتماعية كلها تشير إلى أن الاستقرار هنا فى وطنى هو الحل والأمل، لكن معظم أصدقائه يحلمون ويعدّون أنفسهم وهم فى الكلية للسفر إلى الخارج والاستقرار هناك. كان فى البداية غير متحمس للانخراط معهم ومشاركتهم، لكنه أمس أخبرنى بأنه مقتنع بما يفعلونه، وبأن الطبيب الشاب فى مصر يعانى من الإحباط الذى يجبره على الهجرة، فالتقدير المادى منعدم، وزاد عليه أن التقدير الأدبى هو أيضاً قد تبخّر، فلا المجتمع ولا المسئولون عادوا ينظرون إلى تلك المهنة بنفس التقدير أو الامتنان السابق، وإذا ضاع هذا وذاك فماذا يتبقى لكى أعافر هنا ولا أسافر أو أهاجر؟

زملاؤه الذين فى نفس عمره والذين كانوا يحسدونه على مجموعه فى الثانوية العامة قد تخرجوا منذ سنوات، منهم من تعين فى بنك، ومنهم من هو فى شركة أو مؤسسة، ومرتباتهم عالية وصاروا يعتمدون على أنفسهم ويتمتعون باستقلالية والأهم يتمتعون باستقرار وأسرة، وباتوا لا يحتاجون إلى وجع قلب لمدة سنوات أخرى «ماجستير ودكتوراه» لكى يبدأ كل منهم فى شم نفسه بعد أن يكون الشيب قد غزا رأسه والمفاصل قد تيبست، هل تستطيعون أن تجدوا رداً تساعدوننى به على إقناعه أن يظل معنا محققاً حلمه القديم فى خدمة وطنه وهو يسمع من يتهم زملاءه الذين تخرجوا قبله بالتقاعس؟!

أخبروه بأنه بعد التخرج لا بد أن يتعلم الجودو والكاراتيه وكل فنون القتال لأنه سيتعرّض يومياً للهجوم عليه واقتحام المستشفى، وغالباً سيقاتل وحده للحفاظ على أجهزة العناية المركزة والاستقبال... إلخ، وربما سيُخصم ثمنها من مرتبه الهزيل وبدل عدواه الكوميدى، أخبره السابقون فى التخرج بأنه سيصبح «الحيطة المايلة» فى المحافظة، أى محافظ أو نائب يريد استعراض عضلاته وتقديم مسوغات تصعيده، أول شىء يفعله هو الدخول على المستشفى و«تهزيق» الطاقم الطبى وخصم المرتب وتوقيع الجزاءات والتحويل للشئون القانونية، سيصبح لوحة التنشين لكلاكيع وبارانويا البعض لكى يحصل على الماجستير والدكتوراه، رحلة ذل، وتعالى وروح، وعدل واشطب... إلخ، فضلاً عن التكلفة المرعبة، والأخطر أن رسالته تُركن على الرف ولا يتم الاستفادة بها، ولكنها مجرد خطوة فى روتين ترقيه ممل وعبثى، لا بد له من كتيبة محامين لأن الإعلام يفترسه والنقابة لا تسنده والوزارة تبيعه والمرضى يتربصون والمحيطون يحسدون، بلاغات وقضايا وخناقات وطب شرعى... إلخ معظمها نتيجة ميوعة المنظومة الطبية، وفوق كل هذا شعب ثقافته الطبية مشوهة ومشوشة، شعب فيه ١٠٠ مليون طبيب ومفت، سهل الإغواء بالإشاعات، فالطبيب فى مصر يعالج وفوق كتفيه وعلى دماغه الجيران والأصحاب والأقارب وبرامج الأعشاب وقنوات بير السلم... إلخ، فهل هناك من يستطيع إقناع ابنى العزيز بأن مستقبل الطبيب فى مصر وردى وجميل ومبشر، وبأنه من الأفضل أن يظل يمارس الطب انتظاراً لجنة الخمسة عين المنشودة وفردوسها المنتظر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا أقول لابنى الطبيب كى لا يهاجر ماذا أقول لابنى الطبيب كى لا يهاجر



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon