توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كورونا والمراقبة «من تحت الجلد»

  مصر اليوم -

كورونا والمراقبة «من تحت الجلد»

بقلم: خالد منتصر

يوفال نوح هرارى، الذى يعتبر الآن من أهم مفكرى العالم والذى باع كتابه «الإنسان العاقل» أكثر من ١٦ مليون نسخة!!، كتب مقالاً عن العالم ما بعد كورونا، وددت مشاركته معكم بجزء منه، يقول هرارى:

تواجه البشرية فى الوقت الراهن أزمةً عالمية، ربما هى الأكبر بالنسبة لجيلنا. إن القرارات التى سيتخذها السكان والحكومات فى الأسابيع القليلة المقبلة ستُشكل العالم فى قادم السنوات. لن يقتصر ذلك على أنظمتنا الصحية فحسب وإنما يشمل أيضاً اقتصادنا وسياستنا وثقافتنا. يجب علينا أن نتصرف بسرعة وبطريقة حاسمة. يجب أن نأخذ بعين الاعتبار العواقب طويلة المدى لأعمالنا. وعند الاختيار بين البدائل، يجب أن نسأل أنفسنا ليس فقط عن كيفية التغلب على التهديد المباشر، وإنما أيضاً عن نوعية العالم الذى سنعيشه بعد مرور العاصفة. نعم، ستمر العاصفة، ستبقى البشرية على قيد الحياة، سيظل معظمنا على قيد الحياة، لكننا سنعيش فى عالم مختلف. ستصبح العديد من تدابير الطوارئ قصيرة المدى عنصراً ثابتاً من الحياة. تلك هى طبيعة حالات الطوارئ. إنها تُسرّع الصيرورة التاريخية. فالقرارات التى قد تستغرق سنوات من المداولات فى الأوقات العادية، تُتخذ فى غضون ساعات. وتصبح التكنولوجيا غير المكتملة وحتى الخطيرة فى طور الخدمة، لأن مخاطر عدم القيام بأى شىء تكون أكبر. أصبحت دول بأكملها مثل فئران التجارب فى إطار القيام بتجارب اجتماعية واسعة النطاق. ماذا يحدث عندما يعمل الجميع من المنزل ولا يتواصلون إلا عن بعد فقط؟ ماذا يحدث عندما ترتبط المدارس والجامعات بأكملها عن طريق الإنترنت؟ فى الأوقات العادية، لن تقبل الحكومات والشركات والمجالس التعليمية بإجراء مثل هذه التجارب. لكن هذه ليست أوقاتاً عادية. فى هذا الوقت من الأزمة، نحن أمام خيارين على درجة كبيرة من الأهمية، أولهما الاختيار بين المراقبة الشاملة واحترام حرية المواطنين، وثانيهما الاختيار بين العزلة القومية والتضامن العالمى. من أجل وقف الوباء، باتت مجموعات بشرية بأكملها ملزمة بالامتثال لمبادئ توجيهية معينة. وهناك طريقتان رئيسيتان لتحقيق ذلك: إحداهما تتبعها الحكومة لمراقبة الأشخاص ومعاقبة أولئك الذين يخالفون القواعد. اليوم، ولأول مرة فى تاريخ البشرية، تتيح التكنولوجيا مراقبة الجميع طوال الوقت. وقبل خمسين عاماً، لم يكن باستطاعة لجنة أمن الدولة مراقبة 240 مليون مواطن سوفيتى على مدار 24 ساعة، كما لم يكن بمقدورها معالجة جميع المعلومات التى يقع تجميعها بشكل فعّال. لقد اعتمدت هذه الوكالة الاستخباراتية على عملاء ومحللين بشريين، إلا أنها لم تتمكن من مراقبة كل مواطن. ولكن يمكن للحكومات فى الوقت الراهن الاعتماد على أجهزة استشعار فى كل مكان وخوارزميات قوية بدلاً من الاعتماد على «أشباح» من لحم ودم. فى معركتها ضد وباء فيروس كورونا، استخدمت عدة حكومات بالفعل أدوات المراقبة الجديدة. ولعل خير مثال على ذلك الصين. فمن خلال مراقبة الهواتف الذكية للأشخاص عن كثب، والاستفادة من مئات الملايين من الكاميرات المزودة بتقنية التعرف على الوجوه، وإلزام الأشخاص بفحص درجة حرارة أجسامهم وحالتهم الطبية والإبلاغ عنها، استطاعت السلطات الصينية تحديد حاملى الفيروس المشتبه بهم بسرعة وتتبع تحركاتهم وحتى التعرف على أى شخص اتصلوا به. كما تحذر مجموعة من تطبيقات الهاتف المحمول المواطنين عند الاقتراب من المرضى المصابين. لا يقتصر هذا النوع من التكنولوجيا على شرق آسيا فحسب. فقد أذِن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو مؤخراً لوكالة الأمن الإسرائيلية باعتماد التكنولوجيا المخصصة عادة لمحاربة الإرهابيين فى تعقب مرضى فيروس كورونا. وعندما رفضت اللجنة البرلمانية الفرعية المعنية الموافقة على هذا الإجراء، واجهها نتنياهو بـ«مرسوم الطوارئ». ربما تجادل بأنه لا شىء جديد فى كل هذا. فى السنوات الأخيرة، استخدمت كل من الحكومات والشركات تقنيات أكثر تعقيداً من أى وقت مضى لتتبع ومراقبة وتوجيه الأشخاص. ومع ذلك، إذا لم نكن حذرين، فقد يُمثل هذا الوباء نقطة تحوّل مهمة فى تاريخ المراقبة. ليس فقط لأنها قد تجعل من انتشار أدوات المراقبة الجماعية أمراً طبيعياً فى البلدان التى ترفض اعتمادها حتى الآن، وإنما لأنها تعنى كذلك الانتقال الدراماتيكى من مرحلة المراقبة «من فوق الجلد» إلى مرحلة المراقبة «من تحت الجلد». حتى الآن، عندما يلمس اصبعك شاشة هاتفك الذكى وتنقر على رابط، فإن الحكومة تُريد أن تعرف بالضبط ما كان اصبعك ينقر عليه. ولكن مع فيروس كورونا، يتحول محور الاهتمام إلى معرفة درجة حرارة اصبعك وضغط الدم تحت الجلد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كورونا والمراقبة «من تحت الجلد» كورونا والمراقبة «من تحت الجلد»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon