بقلم: خالد منتصر
يعتبر فان جوخ أكثر فنان فى العالم تمت دراسة حالته المرضية بالتفصيل، إذ حاول مئات الأطباء والأطباء النفسيين تحديد حالاته الطبية على مر السنين، وكما حير فان جوخ نقاد الفن التشكيلى، حير علماء وباحثى الطب، فكما اندهش النقاد ممن بدأ الرسم قبل أن يموت بعشر سنوات ورسم كل هذا الكم الرهيب من اللوحات وكأنه يسابق الزمن، تساءلوا كيف لمن لم يدرس الفن بالطريقة الكلاسيكية أن يصبح أشهر فنانى العصر الحديث؟؟!، كيف لم تُبع لوحاته فى حياته وعاش معدماً مهمشاً لولا دعم شقيقه ثيو المالى لمات جوعاً؟!، الحيرة طالت الأطباء أيضاً حتى موته، ما زال يكتنفه الغموض، هل انتحر أم قُتل؟، هل هو الصرع أم الاكتئاب هو سبب موته؟، هل هى الكحوليات؟؟، هل كان يعرف فان جوخ أنه لن يصل إلى حافة الأربعين من عمره، فأصابته حمى العمل تحت الشمس وفى الحقول الواسعة الممتدة؟، فيما يلى بعض التشخيصات العقلية والبدنية الأكثر احتمالاً التى تناولتها الدراسات الحديثة فى العالم الذى ما زال مشغولاً بذلك القديس الفنان:
صرع الفص الصدغى
عانى فان جوخ من النوبات التى يعتقد الأطباء، بمن فى ذلك الدكتور فيليكس رى والدكتور بيرون، أن سببها صرع الفص الصدغى. ولد فان جوخ مع آفة دماغية يعتقد العديد من الأطباء أنها تفاقمت بسبب استخدامه لفترات طويلة من «الأفسنتين» مما تسبب فى حالة صرع، يعتقد أن الدكتور غاشيه، وهو طبيب آخر من أطباء فان جوخ خلّده بلوحة شهيرة، قد عالج صرعه باستخدام الديجيتال. يمكن أن يؤدى هذا الدواء الموصوف إلى رؤية المرء باللون الأصفر أو رؤية البقع الصفراء. قد يكون هذا أحد أسباب حب فان جوخ لهذا اللون، كما كتبنا فى البوست السابق.
الاكتئاب ثنائى القطب
نظراً لحماس فان جوخ الشديد وتفانيه فى أى نشاط يمارسه تجاه الدين أولاً عندما ذهب للمناجم كواعظ، ثم الفن مقترناً بالوتيرة المحمومة لإنتاجه الفنى، يعتقد الكثيرون أن الهوس كان حالة بارزة فى حياة فان جوخ. ومع ذلك، كانت هذه الحلقات يتبعها دائماً الإرهاق والاكتئاب والانتحار فى نهاية المطاف، لذلك، فإن تشخيص الاضطراب ثنائى القطب أو ما كانوا يسمونه الاكتئاب الهوسى أمر منطقى مع روايات هذه الحلقات فى حياة فان جوخ.
تسمم الـ Thujone
من أجل مواجهة هجماته من الصرع والقلق والاكتئاب، شرب فان جوخ «الأفسنتين»، وهو مشروب كحولى سام شائع بين العديد من الفنانين فى ذلك الوقت. لسوء الحظ، عمل Thujone ضد فان جوخ، ما أدى إلى تفاقم الصرع والاكتئاب الهوسى. الجرعات العالية من الثوجون يمكن أن تؤدى أيضاً إلى رؤية الأشياء باللون الأصفر أيضاً كما أشرنا.
تسمم الرصاص:
نظراً لأن فان جوخ استخدم الدهانات القائمة على الرصاص، هناك البعض الذين يعتقدون أنه عانى من التسمم بالرصاص من القضم على رقائق الطلاء. كما لاحظ الدكتور بيرون أنه خلال النوبات حاول فان جوخ تسميم نفسه عن طريق ابتلاع الطلاء أو شرب الكيروسين. أحد أعراض التسمم بالرصاص هو تورم الشبكية مما قد يؤدى إلى رؤية الضوء فى دوائر مثل الهالات حول الأشياء. يمكن رؤية ذلك فى لوحات مثل The Starry Night.
هايبرجرافيا
فرط الرسم هو حالة تجعل المرء بحاجة إلى الكتابة باستمرار، يرتبط هذا الاضطراب عادةً بالهوس والصرع. يعتقد البعض أن المجموعة الضخمة من أكثر من 800 رسالة كتبها فان جوخ خلال حياته يمكن أن تعزى إلى هذا الاضطراب.
ضربة شمس
لأن فان جوخ سعى إلى الواقعية فى لوحاته، فغالباً ما كان يرسم فى الهواء الطلق خاصة خلال أوقاته فى جنوب فرنسا. ربما كانت بعض حالات الغثيان و«المعدة السيئة» التى يشير إليها فى رسائله من آثار ضربة الشمس.