توقيت القاهرة المحلي 08:39:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدحيح

  مصر اليوم -

الدحيح

بقلم : خالد منتصر

أكبر كارثة فى الإعلام المصرى هى عدم وجود المحرّر العلمى فى الصحافة، وغياب البرنامج العلمى فى التليفزيون، فالعلم لغة العصر وغياب الوسيط الإعلامى الذى ينقل لنا أحدث الأخبار العلمية أو يفهمنا ما نعجز عن تفسيره من نظريات وأمور ومعلومات فيزيائية أو بيولوجية أو كيميائية.. إلخ، يجعلنا كالأطرش فى الزفة، وبالطبع الزفة هى الزفة الحضارية الحداثية التى غبنا عنها متعمدين، متدفئين بكراهية العلم، متدثرين بغطاء الجهل المتعالى، لكن فى ظل ثورة الاتصالات الجارفة، ومع الموت الإكلينيكى الذى يحدث ببطء للوسيط التليفزيونى، صارت منصة «اليوتيوب» هى البديل والأمل والمستقبل، وهذا ما أدركه الكثير من الشباب الذكى الواعى المثقف اللماح، من هؤلاء، بل على رأسهم الآن هذا الشاب المصرى، الذى يقدّم حلقات «الدحيح» على منصة «اليوتيوب»، إنه أحمد الغندور، خريج كلية العلوم بالجامعة الأمريكية، هذا الشاب الذى قرّر أن يبسّط العلوم بشكل كوميدى «روش»، بخلطة بصرية غاية فى الجمال والذكاء والتنوع، وبإيقاع مونتاج لاهث يجذب قطاع الشباب، ويسمرهم فى أماكنهم حتى نهاية الحلقة، لغته سهلة، معلوماته موثقة، مبذول فى تلك الحلقات جهد كبير فى البحث من المراجع والمجلات العلمية، وتطرح أسئلة كانت من المسكوت عنها أو من المهمل بحثها عمداً مع سبق الإصرار والترصّد.

الدحيح تجربة مختلفة لزمن مختلف، كنا قديماً نتفاعل مع برامج علمية، مثل تكنولوجيا، وعالم البحار، والعلم والإيمان، وعالم الحيوان، كان ماسبيرو متكفّلاً وقتها بالتصنيع الثقافى الثقيل، ويتحمّل تلك البرامج غير الإعلانية، لأنها تشكل وعياً وطنياً ضرورياً للنهضة والتقدّم، جاء هذا الشاب فى ظل غياب شبه كامل للعلم وتوابعه من على الشاشات وصفحات الصحف، بخفة دم أقنعنا بعدم الربط الشرطى بين العلم والغلاسة، أو البرامج العلمية وثقل الظل، فأصبح الشباب يتابعون قناته على «اليوتيوب» بالملايين، هذا الشاب حمل على كاهله عبئاً تتهرّب منه مؤسسات كبيرة، عبء تعريف الشباب بالعلم ومصطلحاته، من خلال اللغة التى يفهمها، دون تقعّر أو كلكعات مصطلحات، تحية لهذا الشاب الجميل أحمد الغندور، الذى أنصحه بألا يستجيب لدعوات الفضائيات لتقديم برنامجه عليها، فهى حتماً ستسحق أحلامه، ولن تتنازل عن فكرتها بأن العلم مرادف الغلاسة والرخامة الإعلامية، وفى النهاية ستُضحى به فى سبيل عرض برامج العفاريت والردح والنميمة، اترك لهم برامج البردقوش وحبة البركة وكريمات جزيئات الذهب للبشرة، وكل ما هو علم ردىء مزيف يتمرغون فى وحله، يقدّمون تلك الوجبة المسمومة ليُخدروا الناس بحقنة الدجل الإعلامى الذى يسطح العقول ويبتز الجيوب.

أحمد الغندور شاب مصرى حلم ولم يستسلم أو يقلد أو يتسول كتالوجات جاهزة وبديهيات مستقرة، حلم ونجح، أحترم تجربته ومعجب بها وأتمنى له مزيداً من النجاح والتجاوز، حتى تجربته الحالية لا بد أن يتجاوزها، لأن العلم خيال جامح، وشك مستمر، وإبداع خارج الأطر المستقرة المحفوظة، لذلك أثق فى أن همه الحالى ليس فى إعداد حلقات جديدة فحسب، بل همه صار التمرد على طريقة الإعداد نفسها، والبحث عن جديد مختلف، وهذا هو سر النجاح.

نقلًا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع  

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدحيح الدحيح



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon