بقلم: خالد منتصر
ما قاله المفتى السابق د. على جمعة، ومع كل الاحترام لشخصه، فى برنامجه عن النبى إدريس وبنائه للأهرامات وعلاقته بأوزيريس وأن وجه «أبوالهول» هو وجهه.. إلخ، أثار الجدل طيلة الأيام الماضية، وقد فرضت علامة استفهام مؤرقة نفسها حول الرغبة المزمنة لرجال الدين فى إقحام أنفسهم والإفتاء فى كل العلوم الحديثة والقديمة، ومنها العلوم الإنسانية والتاريخ والاجتماع وعلم النفس والرياضيات وبناء المفاعلات النووية وإرسال الأقمار الصناعية، باختصار هم يعرفون كل شىء فى الدنيا وبالطبع نحن الذين منحنا رجال الدين الحق فى اقتحامنا حتى فى غرف نومنا. وهذه ليست المرة الأولى للشيخ الفاضل د. على جمعة التى يبتعد فيها عن ملعبه كرجل دين ويدخل ساحات العلوم التجريبية كعالم وطبيب ومهندس، فمن قبل دخل ملعب طب النساء والتوليد وأفتى بأن أقصى مدة للحمل أربع سنوات وعلى ذلك فالمرأة التى تلد بعد أربع سنوات من سفر زوجها سينسب ابنها إلى هذا الزوج المسكين، ومنذ عدة أسابيع دخل شيخنا الجليل الفاضل ملعب هندسة الاتصالات والسوفت وير والموجات الكهرومغناطيسية ورسم علاقة بين الكورونا والـ5G!!، ثم جاءت الرابطة الإدريسية الأوزيريسية التى قالها د. على، وكلامه عن وجه أبى الهول الذى هو وجه إدريس، والأهرامات وبنائه لها، لتطرح سؤالاً عن مصادر التاريخ، هل هى الوثائق والنقوش والحفريات، أم أنها كتب الدين والأحاديث والعنعنات؟، وهل رداء رجل الدين هو بمثابة تصريح أو كارنيه دخول كل الملاعب العلمية فى الكون؟، جاء رد د. زاهى حواس قوياً وعلمياً ليحسم تلك النقاط، فبالنسبة للأهرام فقد قال د. زاهى: «أولاً لدينا الأدلة الكاملة عن أن الملك زوسر هو الذى بنى أول هرم موجود لدينا، وأن الذى غيَّر البناء من الطوب اللبن إلى الحجر هو إيمحتب العبقرى، ولدينا أقدم بردية عُثر عليها إلى الآن، وهى بردية وادى الجرف، والتى يتحدث فيها رئيس العمال (مرر) عن بناء هرم خوفو، وقال إن منطقة الهرم كانت تسمى (عنخ خوفو)، بمعنى (خوفو يعيش)، وأن خوفو عاش فى قصر بالهرم، وتحدث عن مدة حكم خوفو، وبعد ذلك استمر بناء الأهرامات حتى بداية الدولة الحديثة».، وأضاف «حواس»: أما عن «أبوالهول» فلا يعود، على حد قول الشيخ على جمعة، إلى ما قبل عهد خوفو وخفرع وهذا خطأ فادح؛ لأن كل الأدلة العلمية تشير إلى أن «أبوالهول» يعود إلى عهد الملك خفرع، وأن نحته تم كى يظهره فى شكل حورس وهو يتعبد إلى الإله رع، والذى يظهر فى المعبد الكائن أمام «أبوالهول»، وأن المصريين القدماء قد ربطوا بين قوة الأسد والملك، فى شكل أسد يظهر وهو يطأ ويدوس أعداءه، واستطرد «حواس»: «أما عن موضوع أن سيدنا إدريس هو أول من قام برسالة التوحيد، فيجب ألا ننسى قبل وجود أية أديان سماوية أن ظهر لنا الملك أخناتون كأول إنسان يتحدث عن التوحيد، أما عن موضوع إدريس وربطه بأوزيريس، فهذا للأسف تم ربطه بسبب السجع اللغوى بين الاسمين»، هذا ملخص ما صرح به د. حواس لعدة صحف ومواقع، وضع به النقاط على الحروف وانتصر للحفريات على العنعنات.