توقيت القاهرة المحلي 09:42:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرعب من اختلافك عنهم

  مصر اليوم -

الرعب من اختلافك عنهم

بقلم: خالد منتصر

«يُرعبهم كونك مُختلفاً، كونك لا تُشبه تكرارهم».. من أجمل العبارات التى قالها الغائب الحاضر د. فرج فودة الذى نتذكره فى يوم اغتياله برصاصات الخسة. أتذكرها دائماً عندما أقرأ الشتائم وأرى هستيريا المزاج السلفى وهى تدافع عن شرنقتها الهشة بالأظافر والأنياب والسباب والتهديدات. إنها فوبيا الاختلاف، من يشتمك مرعوب من اختلافك، مرعوب من قدرتك على الخروج من دفء القطيع، مرعوب من مهارتك فى تشغيل عقلك لوحدك بدون وسيط أو كهنوت، يخاف على نفسه من أن ينضم لطابور المستقلين فكرياً والأصحاء عقلياً، يخاف من جهد التفكير فيمارس فاشية التكفير، يعرف أن كلامك منطقى وعقلانى لكنه لا يستطيع تجاوز مرحلة انسحاب المخدر. الكسل العقلى مريح، والأكاذيب المريحة ممتعة، واستروكس الاعتماد على والانسحاق تحت أقدام راسبوتين يبعث على الانتشاء. قتلوا فرج فودة لأنه زرع بذرة السؤال، اقتحم حقل الإجابات المعلبة الجاهزة وغرس علامة استفهام ضخمة أقلقت كل غربان الحقل، حطم الساقية الفكرية العفنة التى تأتى بنفس الماء الآسن لتلقى به فى نفس بركة الطحالب مرة أخرى، كانوا يمضغون القات ويعيشون اجترار الماضى المحنَّط، جاء فودة ليجهد أسنانهم العقلية ويمنحهم بعض المكسرات التى تحتاج كسر القشرة الصلبة المتكلسة للحصول على ثمرة السؤال اللذيذة، رفضوا أن يُخرجهم من هلاوسهم السمعية والبصرية فقرروا اغتياله، اجتمعت جمعية المنتفعين بالتخدير التراثى لتقرر أنه يجب أن يموت حتى لا تبور تجارتهم، وحتى لا يضطروا لإغلاق بازاراتهم التى تفوح منها رائحة الجثث التى ما زالت تفكر لنا.

قبل أن يخرج علينا «جوجل» الرائع كنا كسالى مشلولين ليست لدينا قدرة البحث والدأب وفك شفرة الألفاظ التراثية المجعلصة المكلكعة، اجتهد فرج فودة وقرر النبش فى تلك الكتب وتحمّل العبء وخرج علينا فصدمنا، تساءلنا: معقول الكلام ده موجود!!؟ الإجابة: نعم موجود، ولكنهم أخفوه عنا لتستمر أكبر وأطول عملية خداع فكرى فى التاريخ، كانوا يسمونه المسكوت عنه، وكانوا يفزعوننا بعبارات غريبة مثل «لا تجادل يا أخى»، «لا تثر الفتنة بالسؤال»، «لحوم العلماء مسمومة»... إلخ، يفزعونك حتى تصمت وتخرس، لكن «جوجل» قد انتصر، و«اليوتيوب» قد اكتسح، والشاب الآن صار بضغطة زر كيبورد يعرف فى ثانية من الإنترنت ما كان يبحث عنه فرج فودة فى شهر بين رفوف مكتبته. التنوير قادم لا محالة، يسير ببطء لكنه آتٍ آت، البطء والتأخير سببه أن عدد المغيبين الذين يخرجون من ماكينة التلقين الصدئة ضخم ومرعب، لكن الطوفان عندما يحدث سيكتسح ويكنس كل أصنام التخلف، وبدلاً من فرج فودة واحد سيولد مليون فرج فودة، وسنكتب فى كل ذكرى له ونحييه ونقبّل جبينه، وتذكروا أن الرصاص لا يقتل المفكر، وإنما التجاهل هو الذى يقتل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرعب من اختلافك عنهم الرعب من اختلافك عنهم



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon