توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرعب من اختلافك عنهم

  مصر اليوم -

الرعب من اختلافك عنهم

بقلم: خالد منتصر

«يُرعبهم كونك مُختلفاً، كونك لا تُشبه تكرارهم».. من أجمل العبارات التى قالها الغائب الحاضر د. فرج فودة الذى نتذكره فى يوم اغتياله برصاصات الخسة. أتذكرها دائماً عندما أقرأ الشتائم وأرى هستيريا المزاج السلفى وهى تدافع عن شرنقتها الهشة بالأظافر والأنياب والسباب والتهديدات. إنها فوبيا الاختلاف، من يشتمك مرعوب من اختلافك، مرعوب من قدرتك على الخروج من دفء القطيع، مرعوب من مهارتك فى تشغيل عقلك لوحدك بدون وسيط أو كهنوت، يخاف على نفسه من أن ينضم لطابور المستقلين فكرياً والأصحاء عقلياً، يخاف من جهد التفكير فيمارس فاشية التكفير، يعرف أن كلامك منطقى وعقلانى لكنه لا يستطيع تجاوز مرحلة انسحاب المخدر. الكسل العقلى مريح، والأكاذيب المريحة ممتعة، واستروكس الاعتماد على والانسحاق تحت أقدام راسبوتين يبعث على الانتشاء. قتلوا فرج فودة لأنه زرع بذرة السؤال، اقتحم حقل الإجابات المعلبة الجاهزة وغرس علامة استفهام ضخمة أقلقت كل غربان الحقل، حطم الساقية الفكرية العفنة التى تأتى بنفس الماء الآسن لتلقى به فى نفس بركة الطحالب مرة أخرى، كانوا يمضغون القات ويعيشون اجترار الماضى المحنَّط، جاء فودة ليجهد أسنانهم العقلية ويمنحهم بعض المكسرات التى تحتاج كسر القشرة الصلبة المتكلسة للحصول على ثمرة السؤال اللذيذة، رفضوا أن يُخرجهم من هلاوسهم السمعية والبصرية فقرروا اغتياله، اجتمعت جمعية المنتفعين بالتخدير التراثى لتقرر أنه يجب أن يموت حتى لا تبور تجارتهم، وحتى لا يضطروا لإغلاق بازاراتهم التى تفوح منها رائحة الجثث التى ما زالت تفكر لنا.

قبل أن يخرج علينا «جوجل» الرائع كنا كسالى مشلولين ليست لدينا قدرة البحث والدأب وفك شفرة الألفاظ التراثية المجعلصة المكلكعة، اجتهد فرج فودة وقرر النبش فى تلك الكتب وتحمّل العبء وخرج علينا فصدمنا، تساءلنا: معقول الكلام ده موجود!!؟ الإجابة: نعم موجود، ولكنهم أخفوه عنا لتستمر أكبر وأطول عملية خداع فكرى فى التاريخ، كانوا يسمونه المسكوت عنه، وكانوا يفزعوننا بعبارات غريبة مثل «لا تجادل يا أخى»، «لا تثر الفتنة بالسؤال»، «لحوم العلماء مسمومة»... إلخ، يفزعونك حتى تصمت وتخرس، لكن «جوجل» قد انتصر، و«اليوتيوب» قد اكتسح، والشاب الآن صار بضغطة زر كيبورد يعرف فى ثانية من الإنترنت ما كان يبحث عنه فرج فودة فى شهر بين رفوف مكتبته. التنوير قادم لا محالة، يسير ببطء لكنه آتٍ آت، البطء والتأخير سببه أن عدد المغيبين الذين يخرجون من ماكينة التلقين الصدئة ضخم ومرعب، لكن الطوفان عندما يحدث سيكتسح ويكنس كل أصنام التخلف، وبدلاً من فرج فودة واحد سيولد مليون فرج فودة، وسنكتب فى كل ذكرى له ونحييه ونقبّل جبينه، وتذكروا أن الرصاص لا يقتل المفكر، وإنما التجاهل هو الذى يقتل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرعب من اختلافك عنهم الرعب من اختلافك عنهم



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon