توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرعب من اختلافك عنهم

  مصر اليوم -

الرعب من اختلافك عنهم

بقلم: خالد منتصر

«يُرعبهم كونك مُختلفاً، كونك لا تُشبه تكرارهم».. من أجمل العبارات التى قالها الغائب الحاضر د. فرج فودة الذى نتذكره فى يوم اغتياله برصاصات الخسة. أتذكرها دائماً عندما أقرأ الشتائم وأرى هستيريا المزاج السلفى وهى تدافع عن شرنقتها الهشة بالأظافر والأنياب والسباب والتهديدات. إنها فوبيا الاختلاف، من يشتمك مرعوب من اختلافك، مرعوب من قدرتك على الخروج من دفء القطيع، مرعوب من مهارتك فى تشغيل عقلك لوحدك بدون وسيط أو كهنوت، يخاف على نفسه من أن ينضم لطابور المستقلين فكرياً والأصحاء عقلياً، يخاف من جهد التفكير فيمارس فاشية التكفير، يعرف أن كلامك منطقى وعقلانى لكنه لا يستطيع تجاوز مرحلة انسحاب المخدر. الكسل العقلى مريح، والأكاذيب المريحة ممتعة، واستروكس الاعتماد على والانسحاق تحت أقدام راسبوتين يبعث على الانتشاء. قتلوا فرج فودة لأنه زرع بذرة السؤال، اقتحم حقل الإجابات المعلبة الجاهزة وغرس علامة استفهام ضخمة أقلقت كل غربان الحقل، حطم الساقية الفكرية العفنة التى تأتى بنفس الماء الآسن لتلقى به فى نفس بركة الطحالب مرة أخرى، كانوا يمضغون القات ويعيشون اجترار الماضى المحنَّط، جاء فودة ليجهد أسنانهم العقلية ويمنحهم بعض المكسرات التى تحتاج كسر القشرة الصلبة المتكلسة للحصول على ثمرة السؤال اللذيذة، رفضوا أن يُخرجهم من هلاوسهم السمعية والبصرية فقرروا اغتياله، اجتمعت جمعية المنتفعين بالتخدير التراثى لتقرر أنه يجب أن يموت حتى لا تبور تجارتهم، وحتى لا يضطروا لإغلاق بازاراتهم التى تفوح منها رائحة الجثث التى ما زالت تفكر لنا.

قبل أن يخرج علينا «جوجل» الرائع كنا كسالى مشلولين ليست لدينا قدرة البحث والدأب وفك شفرة الألفاظ التراثية المجعلصة المكلكعة، اجتهد فرج فودة وقرر النبش فى تلك الكتب وتحمّل العبء وخرج علينا فصدمنا، تساءلنا: معقول الكلام ده موجود!!؟ الإجابة: نعم موجود، ولكنهم أخفوه عنا لتستمر أكبر وأطول عملية خداع فكرى فى التاريخ، كانوا يسمونه المسكوت عنه، وكانوا يفزعوننا بعبارات غريبة مثل «لا تجادل يا أخى»، «لا تثر الفتنة بالسؤال»، «لحوم العلماء مسمومة»... إلخ، يفزعونك حتى تصمت وتخرس، لكن «جوجل» قد انتصر، و«اليوتيوب» قد اكتسح، والشاب الآن صار بضغطة زر كيبورد يعرف فى ثانية من الإنترنت ما كان يبحث عنه فرج فودة فى شهر بين رفوف مكتبته. التنوير قادم لا محالة، يسير ببطء لكنه آتٍ آت، البطء والتأخير سببه أن عدد المغيبين الذين يخرجون من ماكينة التلقين الصدئة ضخم ومرعب، لكن الطوفان عندما يحدث سيكتسح ويكنس كل أصنام التخلف، وبدلاً من فرج فودة واحد سيولد مليون فرج فودة، وسنكتب فى كل ذكرى له ونحييه ونقبّل جبينه، وتذكروا أن الرصاص لا يقتل المفكر، وإنما التجاهل هو الذى يقتل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرعب من اختلافك عنهم الرعب من اختلافك عنهم



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon