توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنقاذ ضعاف السمع من صحراء الصمت

  مصر اليوم -

إنقاذ ضعاف السمع من صحراء الصمت

بقلم: خالد منتصر

الطفل الأعمى الكفيف من الممكن أن يصبح عبقرياً، وشاهدنا فى حياتنا عشرات الآلاف من المبدعين، أما الطفل الأصم المحروم من السمع أو المولود بهذه الإعاقة، فمن الصعب، بل أحياناً من المستحيل، أن يسير فى طريق الإبداع إلا بعض الفلتات النادرة الاستثنائية، وهذه دلالة على أهمية وخطورة غياب تلك الحاسة عن الأطفال، لذلك سعدت بخبر إدراج الكشف المبكر عن ضعف السمع ضمن الفحوصات والتطعيمات الإجبارية للطفل، التى ستُطبّق بداية من يونيو المقبل، خطوة رائعة وثورية، كما وصفها د. أحمد سامح فريد، أستاذ الأنف والأذن المعروف ووزير الصحة السابق، لأنها سترسم لنا خريطة الوقاية والعلاج والاكتشاف المبكر، وكم من هؤلاء الأطفال سيحتاجون إلى سماعات أو زرع قوقعة، سيتم إنقاذ عشرات الآلاف من الأطفال ودمجهم فى التعليم العام، بدلاً من تعلم لغة الإشارة فى المدارس الخاصة، نسبة الصمم العالمية تقريباً ٥٪ من السكان وتزيد فى الدول الفقيرة، ومشكلة ضعف السمع عندنا غالبيتها مابين الفقراء الغلابة، لذلك كان قرار المسح الطبى، وقبله قرار توزيع السماعات فى التأمين الصحى لأطفال المدارس قراراً فى منتهى الأهمية، فمرونة المخ فى الاستيعاب تقل مع الزمن، وإن لم يستوعب الطفل المعلومات المنطوقة التى حوله من خلال الأذن قبل خمس سنوات فهو قد فقد فرصة عمره، وإذا أهملته الأسرة أو المجتمع لما بعد هذه السن فتلك جريمة عظمى، من هنا تأتى المشكلة الأصعب وهى زرع القوقعة، وقائمة الانتظار الرهيبة التى من الممكن أن تفقد الطفل فرصته الذهبية فى الدمج المجتمعى والعودة إلى طبيعته والاحتفاظ بقدرته على السمع، وقد قدم العلم هدية عظيمة لهؤلاء المرضى بنقص السمع الحسى العصبى، والهدية هى زرع القوقعة.

لماذا قائمة الانتظار طويلة؟، ولماذا لا يلجأ الأهل الذين معظمهم غلابة إلى المستشفيات الخاصة؟، لأن الجهاز (فقط) الذى ستتم زراعته يتجاوز ثمنه المائة وسبعين ألف جنيه!!، وهناك كارثة ومأساة أمام هؤلاء الأطفال، الذين ما زال أمامهم طريق آخر صعب بعد زرع القوقعة، وهو طريق التأهيل والتخاطب لكى يستعيدوا إنسانيتهم ويندمجوا فى مجتمعهم، لذلك ننصح بألا يُرخّص لأى جهة أن تقوم بعملية زرع قوقعة إلا ويصاحبها تحديد طاقة التأهيل التخاطبى من عناصر فنية مدربة، لأنه ببساطة زرع قوقعة دون تأهيل تخاطب حرث فى الماء بلا جدوى وتكلفة ضائعة فى الهواء، سيصيبكم الحزن لو شاهدتم هؤلاء الأطفال المعزولين داخل شرنقتهم الكثيفة المنسوجة من الصمت والخرس، وستلمسون حجم الكارثة، الطفل بدون سمع مجرد كتلة آدمية من لحم ودم بلا تواصل وبلا حياة، والحل ممكن، والأطباء القادرون على إجراء العملية، والمستعدون للتنازل عن أتعابهم كثيرون، لكن المشكلة فى هذا الكمبيوتر، الذى يحوّل الاهتزازات الصوتية إلى إشارات كهربية يفهمها ويترجمها المخ عبر أعصاب السمع، التى لا بد أن تكون سليمة، لكن ما هذه القوقعة؟، جهاز السمع يتمثل فى القوقعة، التى تحوى العضو الحساس المسئول عن نقل السمع إلى العصب السمعى، ويطلق عليه اسم عضو كورتى، الذى يحوى الخلايا المشعرة الحسية العصبية، التى تقوم بتحويل الاهتزازات الصوتية الواصلة من الأذن الوسطى إلى إشارة كهربائية يطلق عليها اسم «السيالة العصبية»، هذه الخلايا تتصل مع ألياف العصب السمعى، الذى يقوم بنقل السيالة العصبية إلى المراكز الدماغية، نقص السمع الحسى العصبى يحدث فى معظم الأحوال نتيجة إصابة فى هذه الخلايا الحساسة، ومن أسباب هذه الإصابة: التشوهات الخلقية، الإصابات الوراثية، العوامل الجرثومية والفيروسية.

مطلوب إنقاذ أطفال مصر من المعاقين سمعياً، وتأهيل إخصائيى التخاطب ورفع رواتبهم، لأنهم عملة نادرة، وتكوين جمعية لتوفير هذه القواقع لمن يقرّر التأمين الصحى علاجهم، وتنويع مصادرها ومصادر السماعات وتحسين خدمة ما بعد البيع، لا بد من التكاتف حتى نُنقذ هؤلاء المساكين من صحراء الصمت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنقاذ ضعاف السمع من صحراء الصمت إنقاذ ضعاف السمع من صحراء الصمت



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon