بقلم : خالد منتصر
كنت قد كتبت منذ عدة سنوات عندما علت دعوات مصالحة الإخوان من بعض الحنجوريين من الذين يخبئون حسن البنا بين ضلوعهم ويدّعون أنهم ليسوا إخواناً، وقلت إنه لا تصالح بين الجسد والغرغرينا، قلت إن «الغرغرينا» جزء فاسد ضار ميت لو ظل موجوداً بلونه الأسود سيموت الجسد كله، ولا يمكن أن يتصالح الجسد مع هذه الغرغرينا أبداً لأنها تُفرز سمومها، رغماً عن أى محاولات للحلول الوسط بالأدوية، وغالباً ما يصل الجرّاح إلى قرار سريع ببتر الجزء المصاب، حفاظاً على حياة المريض، وقد ظهر فى جسد الوطن تنظيم إرهابى كان بمثابة الغرغرينا التى زحفت على أطراف الوطن، وظل بعض المثقفين الأشبه بأطباء بير السلم يقنعوننا على مدى ثمانين عاماً بأنهم فصيل وطنى طيب «كيوت» عارف ربنا، مطبق للشريعة، يده متوضئة، وجهه نورانى يشع إيماناً وتقوى، وبأنهم عضو سليم رغم لونه الأسود الكالح ورائحته العفنة التى تزكم الأنوف، وكلما دخلنا إلى غرفة العمليات يقنعوننا بأن هناك من هم فى الغرب قد توصلوا إلى أن تلك الغرغرينا يجب أن نتصالح معها حتى لو امتدت سمومها إلى كل أطراف الجسم وتعفن الجسد كله!!
حاولنا إقناعهم بأن الغرغرينا التى أصيب بها الجسد المصرى هى التى يُطلق عليها الغرغرينا الغازية، وهى أشرس أنواع الغرغرينا، التى تسببها البكتيريا اللاهوائية، وهى نوع من الكائنات اللزجة التى لا تعيش إلا فى غياب الأوكسجين، مثل تلك الجماعة الإرهابية التى لا تنمو ولا تزدهر إلا فى غياب النور، هى بكتيريا سريعة الانتشار تعشق الدم والتخريب والتلويث والتدمير، ولا تنتعش وتبتهج إلا عندما يموت الجسد كله، فترقص رقصة الموت على أشلاء الجثة، يأتى بعض مخنثى الجراحة السياسية الذين تعلموا الطب فى خيمة السيرك الغربى على يد بعض الحواة والبهلوانات، فيرطنون ببعض المصطلحات اللاتينية التى يريدون إيهامنا من خلال فخامتها وسجعها وجناسها وجلجلة حروفها بأن هذا العضو المصاب بالغرغرينا ليس عضواً ضاراً على الإطلاق، بل هو على العكس عضو نافع، وأحياناً يقنعونك بأنه أهم عضو فى الجسد كله، متفوقاً على المخ والقلب، أحياناً يضحكون عليك قائلين «يا سيدى اعتبره عضواً غريباً تمت زراعته فى جسمك»، يقولون هذا الهراء متناسين أن الجسد يلفظ العضو الغريب ولا يقبله إلا إذا كان النسيج مطابقاً للنسيج، وهذا لا ينطبق على من قال «طظ فى مصر»، لأن نسيجه الوطنى مختلف، فهو أساساً لا يعرف معنى الوطن والانتماء الوطنى، والحالة الثانية لكى يقبل الجسد زرع عضو غريب هى استخدام مثبطات المناعة، وللأسف الغرغرينا جزء من الجسد، يعيش ملتصقاً بك ولا تُجدى معه كل محاولات الصلح بمثبطات المناعة أو حتى أغلى أنواع المضادات الحيوية.
إذا تصالح الجسد مع «الغرغرينا»، فمن الممكن أن تتصالح مصر مع هؤلاء الخونة.
نقلًا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع