بقلم: خالد منتصر
أعرف مقدار حب وعشق الفنان رشوان توفيق للمرحومة زوجته، وأعرف مدى اللوعة والحزن لفقدها ورحيلها، ولذلك استحقت صورة بكائه أن تحتل معظم صفحات وسائل التواصل وتصبح التريند والأيقونة، خاصة صفحات الشباب، لأنها صادقة غير مزيفة بدون ماكياج، لأنها لمست وتراً عندهم طالما يبحثون عنه للعزف لكنهم يفتقدونه.
أعرف مدى صدق هذا الحب الرشوانى لأنه كان الصديق الصدوق لحماى الجميل الراحل أبوبكر عزت وكان يحكى لى عنه، من أفراد الدفعة الذهبية التى لمست مدى قربهم وتفاهمهم وحبهم لبعضهم البعض، أبوبكر ورشوان ويوسف شعبان وصلاح قابيل وعزت العلايلى وحمدى أحمد وزين العشماوى، دفعة حملت على كاهلها نجاح مسرح التليفزيون وبصمته التى ظلت كالوشم حتى الآن.
لكن ما هو السر فى اكتساح تلك الصورة لفناننا الجميل بهذه الصورة، بالرغم من أننا لم نشاهده على الشاشة منذ سنوات ونفتقده فى رمضان؟
أعتقد أن الصورة لمست حنيناً لدى الشباب لتلك العلاقات الدائمة التى يظللها الحب فى زمن حب التيك أواى و«الفاست لاف».
حديث رشوان توفيق عن زوجته بكل هذا الصدق والصفاء والحب والعشق والهيام، أيقظ الشباب الذى ما إن يتزوج حتى يصيبه الملل بعد أسبوع، ثم يفكر فى الطلاق بعد مرور سنة، زمن حب «الإس إم إس» وسربعة «الواتس آب»، نفض التراب عن كلمة كنا ظنناها قد ماتت منذ زمن طويل، كلمة العشرة، يضحك الشباب ساخراً من تلك الكلمة العجوز المهجورة، يتساءل بنصف ابتسامة «هو لسه فيه حاجة اسمها عشرة؟»، خرجت صورة رشوان توفيق من ركام هذا الرماد البارد للعلاقات الشبابية المثلجة المحنطة ليقول لهم بدموعه، نعم هناك حب العشرة وعشرة الحب، ليخبرهم بأن طلة الحب من الزوجة وإن اتخذت شكلاً جديداً بعد هذا العمر تظل نفس الطلة، سحابة الخير وزخة المطر فى هجير الصحراء، الندى فى لحظة العطش، مجرد الطبطبة صارت ترفعك إلى عنان السماء فرحاً وسعادة، لمسة أناملها تنقلك إلى عالم السحر، وجودها وإن كان مجرد شهيق وزفير يمنحك الأمان، تلك هى مفردات العشرة، التى ليست فاصلاً زمنياً ولكنها رحلة امتزاج والتقاء روحين فى تفاعل كيميائى مدهش، يصير معه فصل العناصر الأولى وتفريقها وتمييزها مستحيلاً، يختلط الصوت والصدى، الحنجرة والصوت، النفس والرئة، الحضن والصدر، الحميمية والروح.
صورتك يا عم رشوان أيها الجميل خفيض الصوت، صرخت فينا: «استيقظوا، حافظوا على بعض، الطريق يحتاج الرفقة ويجوع إلى العشرة والونس».