توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طه حسين ومستقبل الثقافة والتعليم

  مصر اليوم -

طه حسين ومستقبل الثقافة والتعليم

بقلم : خالد منتصر

ما زال كتاب «مستقبل الثقافة فى مصر» للعميد طه حسين، والصادر سنة ١٩٣٨، قادراً على إثارة الدهشة وتحفيز الفكر واستفزاز العقل، كيف لكتاب صادر منذ أكثر من ثمانين عاماً أن يُقرأ وكأنه قد كُتب اليوم؟! بالطبع هى عبقرية طه حسين، ولكنه أيضاً كسلنا العقلى الذى جعلنا حتى هذه اللحظة لم ننتبه إلى كل ما قاله هذا العملاق، لم نستجب لصدمته الفكرية الكهربية التى كان فيها الشفاء من كل أعراض الشيزوفرينيا الثقافية التى نعيشها ونحاول علاجها بالمسكّنات. سأترك طه حسين يتحدث إليكم من خلال بعض الاقتباسات، لأفتح شهيتكم للنزول وشراء الكتاب الصغير الحجم العظيم القيمة، يقول طه:

• «العقل المصرى القديم ليس عقلاً شرقياً، إذا فُهم من الشرق الصين واليابان والهند وما يتصل بها من الأقطار، وقد نشأ هذا العقل المصرى فى مصر متأثراً بالظروف الطبيعية والإنسانية التى أحاطت بمصر، وعملت فى تكوينها، ثم نما وربا، وأثّر فى غير الشعب المصرى من الشعوب المجاورة وتأثر بها، وكان من أشد الشعوب تأثراً بهذا العقل المصرى أولاً وتأثيراً فيه بعد ذلك، العقل اليونانى، فإذا لم يكن بد من أن نلتمس أسرة للعقل المصرى نقره فيها، فهى أسرة الشعوب التى عاشت حول بحر الروم، وقد كان العقل المصرى أكبر العقول التى نشأت فى هذه الرقعة من الأرض سناً وأبلغها أثراً».

• «إن عصور الانحدار والتخلف انتهت فى مصر منذ أن تيقظت من سباتها بالحملة الفرنسية وحكم محمد على، وبدأت تأخذ من أوروبا علومها وأسلوبها فى الحكم، وصار كل شىء فى مصر غربياً، حتى المؤسسات الإسلامية فى مصر مثل المحاكم الشرعية، كانت على غرار النمط الأوروبى، حقيقة هناك فروق بين مصر وأوروبا حالياً، لكن هذا يأتى من أن عصر النهضة الأوروبية قد بدأ فى القرن الخامس عشر، أما عصر النهضة فى مصر فقد بدأ مع بداية القرن التاسع عشر، لكن مصر سوف تلحق بأوروبا فى وقت قصير إن شاء الله».

• «ليس الغرض من التعليم العام تزويد الفرد بما لا بد منه ليعيش فى أمة متحضرة، ولكنه يتجاوز هذا الغرض إلى شىء أرقى من ذلك وأسمى، فهو يرتقى فى الثقافة إلى حيث يبلغ المعرفة من حيث هى، وإلى حيث يقصد به إلى توسيع العقل وتغذيته بألوان مختلفة من العلم الإنسانى قد لا يحتاج إليها الفرد من عامة الناس، فليس من الضرورى أن يعرف أبناء الشعب جميعاً مقداراً متوسطاً من الطبيعة والرياضة والكيمياء وعلوم الحياة، وليس من الضرورى أن يعرف أبناء الشعب جميعاً مقداراً متوسطاً من تاريخ أوروبا وأمريكا، وليس من الضرورى أن يعرف أبناء الشعب جميعاً لغة أجنبية أو لغتين أجنبيتين، بل تستطيع كثرة الشعب أن تعيش عيشتها الهادئة اليومية بغير هذه الألوان من العلم، وإذن فطبيعة هذا التعليم العام مخالفة لطبيعة ذلك التعليم الأوّلى الإلزامى الذى يجب أن يشارك فيه المصريون جميعاً».

• «من حق الفقراء أن يتعلموا، ومن حقهم أن يطمحوا إلى أكثر مما يعطيهم التعليم الأوّلى، ومن حقهم أن يطمحوا إلى التعليم العام، وإلى التعليم العالى، ذلك حقهم من جهة، ومن جهة أخرى فيه مصلحة الأمة، وفيه تحقيق الديمقراطية من جهة ثالثة، فحرمان الفقراء لأنهم فقراء أن يتعلموا، وأن يرقوا، وأن يُصلحوا أحوالهم، وأن يطمحوا إلى الكمال، هو تقرير لنظام الطبقات، وإيمان بسلطان المال، وعبادة لهذا السلطان، وفناء فيه، وليس هذا كله من الديمقراطية الصحيحة فى شىء».

• «فليس من الحق، ولا من الخير فى شىء أن يكون الغرض الأول والأخير فى التعليم العالى هو البحث العلمى الخالص المبرأ من كل منفعة قريبة أو بعيدة، ليس هذا حقاً ولا خيراً، لأن الأمم لا بد أن تحيا حياتها، وليست حياة الأمم والأفراد عقلاً خالصاً، ولا معرفة خالصة، إنما حياة الأمم والأفراد علم يُنتج العمل، معرفة تمكّن من الضرب فى الأرض والسيطرة على عناصر الطبيعة، والتغلب على ما يعترضنا من العقبات».

اقرأوا طه حسين تصحوا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طه حسين ومستقبل الثقافة والتعليم طه حسين ومستقبل الثقافة والتعليم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon