بقلم: خالد منتصر
فى حملة د. أحمد عكاشة لإزالة الوصمة عن المرض النفسى، أكد أن الصحة النفسانية يلزم أن تعد أولوية إنسانية وإنمائية عالمية، وأولوية فى كل بلد من البلدان، كما يلزم توفير العلاج الآن لمن هم فى أمَسّ الحاجة إليه، وفى المجتمعات المحلية التى يعيشون فيها. وإلى أن يتم ذلك، سيظل المرض النفسانى يستنفد إمكانيات الناس والاقتصاد.
وأشار إلى أن الاستثمار فى مجال الصحة النفسانية معقول على ما يبدو من الناحية الاقتصادية، لأن استثمار كل دولار أمريكى واحد فى تحسين علاج الاكتئاب والقلق يحقّق عائدات قدرها 4 دولارات أمريكية فى ميدان تحسين صحة الفرد وزيادة قدرته على العمل.
يزيد الاكتئاب من خطورة الإصابة باضطرابات وأمراض ناجمة عن استعمال المواد النفسانية التأثير، مثل داء السكرى، وأمراض القلب والسرطان.
إن وصمة المرض النفسانى وتهميش المريض النفسانى والابتعاد عنه ونبذه من الجيران، ونظرة الأطفال له على أنه مجنون ويجب الحذر، والابتعاد عنه والخوف من التقرب إليه، تؤثر فى المريض بطريقة سلبية، وتجعله يفقد ثقته بنفسه ويصاب بانخفاض فى الروح المعنوية وعدم قدرته على الاختلاط والعمل، مما يشكل العجز فى التكافل الأسرى، وزيادة حالات الطلاق، والامتناع عن العمل، بل إن اللجوء للمخدرات منتشر بينهم، للهروب من الوصمة (حوالى 30 - 40%) وكذلك قد ينتشر الانتحار بنسبة تتراوح من 12 إلى 15%.
إن المريض النفسانى لا يحظى بالعناية إذا أُصيب بأمراض فى القلب، الضغط، السكر، أو السرطان، لأنه مريض نفسانى، مما جعل المرض النفسانى يقلل من عمر الإنسان نحو 15 عاماً.
وقال د. عكاشة إنه لا يوجد فى الطب النفسانى اضطراب أو مرض يسمى بالجنون، وأساء الإعلام المرئى والمقروء لصورة المريض النفسانى فى الإعلام، وما كانت تراه الناس فى السينما والمسلسلات لا يعبِّر عن حقيقة المريض النفسانى، بل معظمها تصورات خاطئة، وكلنا مرضى عقليون لمدة ساعتين يومياً، فالأحلام عبارة عن هلاوس وخيالات وضلالات، 90 دقيقة من النوم الحالم تتناوب مع ساعتين من النوم غير الحالم، فالمرض النفسى الذهانى ما هو إلا زحف الأحلام والخيالات إلى اليقظة.
كما أن هناك بعض الاعتقادات الخاطئة، من بينها «أن المريض النفسانى لا يشفى». والحقيقة: هى أن الفصام ليس مرضاً، يتدهور بصفة مستمرة، لأن هناك نسبة كبيرة تشفى منه مع العلاج، كما أن الاعتقاد «أن فشل الأهل فى التربية والتنشئة يسبب المرض النفسانى»، والحقيقة: هى أن الأطباء النفسانيين منذ زمن فرويد والتحليل النفسانى وكذلك علماء النفس والاجتماع قد اعتبروا الأسرة الركيزة الأساسية فى تكوين شخصية الإنسان الفرد وما قد تعانيه من المرض النفسانى -واهتم الكثيرون بالأسرة لتوضيح القوى المحركة لإحداث المرض- وبالرغم مما بُذل من الجهود فى هذا الصدد، لا يوجد دليل على أن الجو الأسرى أو سوء أو فشل الأهل فى التربية يسبب المرض النفسانى، والاعتقاد الخاطئ «أن الاضطراب النفسانى مرض معدٍ» ليس صحيحاً، أو «أن معظم مَن يعانون من الاضطراب النفسانى غير قادرين على العمل أو الزواج أو الحصول على بطولات»، وهناك اعتقاد خاطئ «أن الصالحين والأتقياء لا يمكن أن يصيبهم المرض النفسانى نظراً لما يعتقده الكثيرون من أن الفصام إنما يُعزى فقط لتسلُّط الشيطان على ضعاف الإيمان»، والحقيقة هى أن الفصام مرض عضوى فى المخ مثله مثل بقية الأمراض التى تصيب أعضاء الجسم كأمراض القلب أو الشرايين أو المعدة أو الكلى أو العضلات أو العيون أو السكر وأنه يعالج كما تعالج هذه الأمراض بالأدوية المناسبة.
وأخيرا أكد الدكتور أحمد عكاشة أن نصفاً فى المائة فقط من المرضى النفسانيين هم مَن يحتاجون إلى الدخول إلى المستشفيات لتلقِّى العلاج، بينما ٩٩,٥٪ يمكن علاجهم من خلال العيادات الخارجية، فيما لا يذهب من المرضى إلى الطبيب النفسانى عالمياً من المرضى سوى ٣٪ فقط من المصابين الفعليين، وهذا الرقم ما يجب أن يتغير ويرتفع لفائدة المرضى، والمجتمع، والدول.