بقلم: خالد منتصر
وصلتنى رسالة من د. حامد عبدالله أستاذ أمراض الذكورة والعقم والأمراض الجنسية، وهى رسالة فى منتهى الأهمية نظراً لتخصص كاتب الرسالة وأيضاً لثقافته الموسوعية ومساهمته فى العمل الاجتماعى والتثقيف الجنسى، يقول د. حامد فى رسالته:
تعرف جريمة (التحرش الجنسى) فى أوروبا والدول المتقدمة! بأنها أى فعل أو قول أو إشارة تخدش الحياء من المجرم إلى الضحية دون رضائها. ولم يفرق القانون أبداً بين الضحايا ولكن فرق بين المجرمين فى تشديد الجرم والعقوبة إذا كانت للمجرم سيطرة على ضحيته تمنعها من التمتع بكامل حقها وحريتها فى الدفاع عن نفسها، كأن تكون طالبة أو موظفة! فماذا عن بلادنا المنكوبة بمرضى التحرش؟! والتى تحولت فيها المرأة إلى سلعة للإثارة مستباحة أو قطعة حلوى مغلفة! نلوم فيها الضحية ونبرر للمجرم جريمته المقززة! وبمناسبة الطلبة والطالبات فقد ابتكرت لأبنائى وبناتى فى قصر العينى أحد الاختبارات! ولقد سميته (اختبار الإنسانية)! تخيل أننى أخبرتك أن أحد المجرمين قد تحرش بإحدى الضحايا! ما هو (بكل صراحة) أول سؤال سيخطر فى ذهنك؟
أولاً: ما الذى تم فعله بالمجرم؟
ثانياً: ما الذى كانت ترتديه الضحية؟
إذا كانت الإجابة الأولى فهنيئاً لك إنسانيتك! أما إذا كانت الثانية فلتراجع من جديد كل أفكارك ومبادئك! هل تريدون يا أصدقائى معرفة نتيجة (اختبار الإنسانية)؟! يؤسفنى أن أقول إن معظم الإجابات كانت الإجابة الثانية! ولكن قبل أن نلوم على أبنائنا فلنبدأ بأنفسنا ويسأل كل منا نفسه نفس السؤال؟!، إن التحرش وهتك العرض الجماعى الذى حدث فى مدينة المنصورة لفتاة تبلغ من العمر تسعة عشر عاماً أى جاوزت عمر الطفولة بقليل (حسب التعريف الطبى والقانونى للطفولة وليس تعريف بعض الدعاة الذين يبيحون نكاحها قبل ذلك بعشر سنوات!) وإن أثار تقززنا وغضبنا فلا يجب أن يثير دهشتنا أو عجبنا!
إن تلك الجرائم ليست الأولى ولن تكون الأخيرة وأذكركم ونفسى بتقرير الأمم المتحدة عن التحرش فى (مصر) لعام (٢٠١٣) الذى أثبت أن أكثر من (٩٠٪) من المصريات يتعرضن للتحرش، وأذكركم أيضاً بأن تلك الإحصائية المرعبة لم تأخذ فى الحسبان جريمة تحرش أو (ذبح) بشعة تنفرد بها (مصر) مع بعض الدول الأفريقية وهى (البتر أو التشويه التناسلى للإناث) الذى أحله للأسف بل فرضه بعض من مشايخنا الذين حولت فتاواهم جريمة (ختان الإناث) إلى (ذبح شرعى) وأيضاً حولت التحرش بهن إلى (تحرش شرعى)!، وما زلنا فى عجبنا من انتشار بشع مجرم كالطاعون لنظرات وبذاءات وحركات ولمسات لأخواتنا وبناتنا يجتاح كل الأماكن والطبقات والمستويات فى ظل غطاء وحماية من التواطؤ المجتمعى والصمت المجرم وشرعنة التحرشات حتى تصل الجريمة للسائحات الأجنبيات اللاتى يأتين إلى بلادنا آمنات مطمئنات فلا يجدن إلا فتاوى تكفرهن وتستحل دماءهن ككافرات مشركات! أو فى أحسن الأحوال أعراضهن كجوارٍ مستباحات!
لقد حانت لحظة الحقيقة التى يجب أن نواجهها بكل صدق وتجرد ومواجهة شجاعة للذات! فمصر خلدت فى معابدها المصريات كإلهات وملكات وأمهات ولكنهن يبكين الآن على الحفيدات! اللاتى يعانين وهن راضيات من تحرشات مبنية على فتاوى وتبريرات! فهن كالشياطين مقبلات ومدبرات! ومن نصف عقولهن ودينهن محرومات! وللرجال مميلات ومغويات! ولذلك فهن مستباحات! وأصبح المجرمون معذورين والضحايا مجرمات! ألا فلتفقن وتنهضن أيتها المصريات! وتنفضن عن أجسادكن المقدسة غبار البداوة ورياح الصحراوات وفتاوى الفحول والبقرات! فلا استحققنا أن نعيش فى مصر آمنين إلا وأنتن من الآمنات!.