توقيت القاهرة المحلي 16:48:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صورة سيلفى فى الجنازة!!

  مصر اليوم -

صورة سيلفى فى الجنازة

بقلم: خالد منتصر

يا حزين يا قُمقُم تحت بحر الضياع

حزين أنا زيَّك وإيه مستطاع؟!

الحزن ما بقالهوش جلال يا جدع!

الحزن زى البرد... زى الصداع

                                                       عجبى.

فعلاً الحزن لم يعد له جلال ولا هيبة، من حضروا مراسم دفن وجنازات بعض الفنانين فى الفترة الأخيرة بدأوا يلاحظون أن الفضول والحشرية والقفز على الجنازة لتحقيق انتصارات صغيرة لكاميرات موبايل وغزوات سيلفى، صارت هى القاعدة، وأن المصرى الذى كان يُعتبر أكثر إنسان على وجه الأرض اخترع طقوساً ومنح قدسية للموت، رسم على المعابد وبنى أهرامات وحنّط مومياوات وشيّد مقابر وتوابيت وصمم موازين الدار الآخرة ووضع مع الميت مستلزمات استهلاكاته لما بعد الموت... إلخ، صار هذا المصرى الآن كل همه فى الجنازة «ممكن صورة سيلفى»، ثم تطورت إلى أخذ لقطة السيلفى بالعافية، وفى العزاء نفس الشىء، بل صار يصور فيديو على الهواء مباشرة لايف على فيس بوك!! سخرية من البكاء والدموع وجلال الحزن، اقتحام خصوصية ودس أنف، كل هذا تزامن مع شماتات سافلة فى موت هؤلاء المشاهير، خاصة الفنانين، بوستات شتائم، دعوات إلى الله بالعذاب والنار والانتقام!!

فضلاً عن مشاركة الوجع، افتقدنا أقل معايير الذوق واحترام مشاعر الآخرين، كاميرا الموبايل فقدت وظيفتها كتخليد ذكريات، وتحولت إلى كادرات تربُّص ولقطات فضح وأضواء تجريس وعدسات تدمير سمعة، صار لحم الفنان مستباحاً حياً وميتاً، أصبحت أسرته مرعوبة من قراءة وسائل التواصل حتى لا تفتح بلاعة النهش والتقطيع، أو ما يسميه الجيل الجديد «التحفيل».

الحزن الذى هو إحساس إنسانى راقٍ، يغسل البشر، صار ساحة عراك على سيلفى، بينما الميت فى النعش، هناك نعش آخر لكل قيمة جميلة كانت فى حياتنا، وأولها احترام حزن البشر وقدسية الموت وجلال الموقف، أما احترام الفنان وحبه وعشقه القديم فصار يتبخر مع غلاظة الحس التى، للأسف، ربطت ما بين التدين وكراهية الفن واختلاق خصومة بغرض تجفيف وتصحير مشاعر الأتباع فى تنظيمات الإسلام السياسى، والكارثة أن تلك المشاعر انتقلت إلى الكثيرين من الجمهور العادى، يدفع تذكرة ليشاهده فى حياته ثم يشتمه بعد مماته، وهناك من صار يسيّس الموت، ويأتى للمرحوم بمشهد مظاهرة أو بوست معارضة يتفق مع موقف الشخص السياسى، وإن لم يجد ما يتفق، يُخرج ثعابينه وحياته ويبرد ويسن لسانه وكيبورده، ليجلد الميت بكل ما لذ وطاب من شتائم الأم!!، اتركوا دموع الحزن والشجن تغسل الروح من أدران الضغينة والحقد والغل، لا تحبسوها فى الأحداق أو تغتالوها فى المحاجر، سيلفى الجنازة كوميديا سوداء فى زمن عزت فيه الضحكات وبخل القدر علينا فيه بالبسمة الصافية غير المرسومة أو المفتعلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صورة سيلفى فى الجنازة صورة سيلفى فى الجنازة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon