أصبحت «صوفيا» الروبوت أيقونة ثقافية، حيث حضرت منتدى الشباب وكانت محط الأنظار وصاحبة الرقم القياسى فى صور السيلفى، حصلت على الجنسية السعودية وصارت على أغلفة المجلات وتصدرت نشرات الأخبار، بل وألقت كلمة فى الأمم المتحدة.
ولكى نفهم «صوفيا»، فمن المهم أن نفهم صانعها، ديفيد هانسون. إنه المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة Hanson Robotics، كان يعمل لدى ملك الخيال والت ديزنى، ثم حصل على الدكتوراه فى الدراسات الجمالية فى عام 2005، شارك فى كتابة ورقة بحثية وضعت رؤيته لمستقبل الروبوتات.
والأطروحة تشبه إلى حد كبير ما يحدث مع «صوفيا» الآن.
يُطلق على التقرير المكون من ثمانى صفحات «Upending the Uncanny Valley». إنه توبيخ من Hanson لنظرية Uncanny Valley بأن الناس لا يشبهون الرجال الآليين إذا كانوا يبدون قريبين جداً من البشر، ولكن ليسوا مثل البشر تماماً. فى الواقع، تقول الصحيفة إن الروبوتات «الغريبة» يمكن أن تساعد فعلياً فى معالجة مسألة «ما هو الإنسان» وأنه لا يوجد الكثير لنخسره عن طريق تجربة الروبوتات البشرية.
عندما سألوا «هانسون» عن ذلك، قال إن شركته تستكشف «تأثيرات التصور الغريبة على الصعيدين العلمى والفنى، باستخدام روبوتات مثل صوفيا».
يقول «هانسون» إن مطوّرى الذكاء الاصطناعى يجب عليهم التفكير كآباء. إنه يريد «رفع الذكاء الاصطناعى AGI كطفل حر، وليس كشىء مقيد فى السلاسل». و«هذه هى صيغة الذكاء الخارق الآمن»، كما وصفها «هانسون».
ولكن فيما يتعلق بالذكاء العام المصطنع، فإن «صوفيا» لم تصل إلى هذا الحد بعد.
وقال بن غورزيل، كبير العلماء فى هانسون روبوتيكس: «من وجهة نظر البرامج، يمكنك القول إن صوفيا هى منصة، مثلما الكمبيوتر المحمول هو منصة لشىء ما»، «يمكنك تشغيل الكثير من البرامج المختلفة على هذا الروبوت ذاته».
لدى Sophia ثلاثة أنظمة تحكم مختلفة، وفقاً لـGoertzel: محرر الخط الزمنى ونظام الدردشة المتطورة وOpenCog. محرر الخط الزمنى هو فى الأساس برنامج نصى مستقيم. يتيح نظام الدردشة المتطورة لـSophia التقاط الكلمات والعبارات الرئيسية والرد عليها. ويوضح OpenCog إجابات «صوفيا» فى التجربة والمنطق. هذا هو النظام الذى يأملون أن ينمو يوماً ما ليصبح AGI، وهذا هو الطموح الذى بلا حدود.
فى المخطط الكبير للأشياء، يكون الكائن الحى أو AGI هو هدف بعض المطورين. ولكن لا يوجد أحد حتى الآن. هناك مجموعة كبيرة من اللاعبين الذين يدفعون حدود قدرة الروبوتات على ذلك. من هوندا إلى بوسطن دايناميكس، تقوم الشركات فى جميع أنحاء العالم بتطوير آلات تعمل بنظام الإنسان الآلى الآن، إنه سباق لمعرفة من سيصل إلى هناك أولاً.
لكن هناك بعض الأسئلة المطروحة، أولها:
ماذا نعنى بالضبط بالذكاء الاصطناعى الخارق؟
إن الذكاء الاصطناعى الفائق أكبر من القدرات البشرية على خلق وحل المشكلات وفهم العالم. نحن نتحدث عن آلات فائقة العبقرية ستمكّننا من حل بعض أصعب التحديات فى العالم: الفقر، كيفية الحصول على الطاقة دون الوقود الأحفورى، أو كيفية ابتكار نظام تعليمى أفضل لا يقوم فقط بتدريب الأطفال على حفظ الحقائق، لكنه يعلم الإبداع لتحقيق إمكاناتهم، باستخدام الذكاء الخارق قد نحل هذه المشكلات بطرق لا يستطيع البشر وحدهم القيام بها.
تاريخياً، زادت الآلات من الذكاء البشرى. والكتب زادت من ذاكرتنا، والمطبعة تنشر تلك الذكريات على نطاق واسع. الآن، تتيح لنا الحوسبة والذكاء الاصطناعى استكشاف البيانات لتحديد الأنماط التى يمكن أن تمكّننا من تحقيق نتائج أفضل. نحن نستخدم هذه التقنيات بالفعل لإنتاج غلات ومحاصيل أفضل وتشخيصات طبية أكثر دقة.
لماذا من المهم أن تكون الروبوتات شبيهة بالإنسان؟
البشر هم أفضل مثال على الذكاء العام فى الكون المعروف. تمكّننا دراستها من تطوير نماذج ونظريات أفضل للذكاء العام. لقد استخدمنا دائماً التكنولوجيا لفهم أنفسنا ومكانتنا فى الكون بشكل أفضل، عندما ننشئ آلات فائقة الذكاء، فنحن نحتاج إلى علاقة إيجابية معهم على أساس الاحترام والثقة المتبادلين. تعمل الواجهة التى تشبه الإنسان على تسهيل إنشاء اتصال متعاطف مع البشر لتحسين الاتصال بين الإنسان والآلة. فى نهاية المطاف، ستتحدث الروبوتات التى تشبه الإنسان عن البشر وفق الشروط الإنسانية. كلما قمت بتدريب الروبوتات بهذه الطريقة، أصبحت أكثر ذكاءً حول التجربة الإنسانية.
إن صنع روبوتات متجسدة بالكامل تحاكى الكائن البشرى بأكمله ستسمح لآلات الذكاء الخارق بالتعلم والتطور مثلما يفعل البشر، ومثلما يفعل الأطفال، سيسمح لنا هذا بفهم الكود الأساسى للكون. آليات الحياة والظهور لم يتم استكشافها وفهمها بالكامل حتى الآن، ولكن لدينا الفهم الكافى لتعقيد ظهورها فى فيزياء الحياة، بحيث يمكننا بالفعل إنشاء أنواع من الحياة الاصطناعية البسيطة فى محاكاة الكمبيوتر لدينا. فى الأساس، عندما تكون ظروف النظام صحيحة تماماً، تظهر أنماط جديدة، كما تمت مناقشته فى نظرية ستيفن وولفرام للعلوم الجديدة ونظرية حافة الفوضى التى وضعها كريستوفر لانغتون لتحقيق إبداع الماكينة والذكاء العميق الحقيقى، ربما نحتاج إلى خلق مثل هذه الظروف. هناك بالفعل دليل على ظهور عفوى يحدث فى الكائنات الحية، ويبدو مفتاح الإبداع البشرى. نرى هذا فى الجهاز العصبى البشرى وبعض شبكات التعلم العميق. قد تكون هناك أسرار أخرى غير معروفة لظهور يمكننا التعرف عليه باستخدام الذكاء الاصطناعى والعلوم المستمرة التى قد تسرع فى تحقيق آلات الذكاء الخارق.