توقيت القاهرة المحلي 14:45:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القوة الناعمة وثقافة حب الحياة

  مصر اليوم -

القوة الناعمة وثقافة حب الحياة

بقلم: خالد منتصر

غادرتنا ٢٠١٩ بحلوها ومرها، لكن أهم بصمة مبشرة قد تركتها هذه السنة، أنها أرسلت رسالة طمأنة بأن القوة الناعمة لمصر ما زالت صامدة وموحية ومؤثرة وقادرة على النفاذ إلى القلوب والعقول، كانت مهرجانات الرياض، وحفلات الخليج، ومعارض الكتب، هى خير مثال لهذا التأثير الفعال والقوى، الأسماء المصرية حظيت بأكبر جماهيرية، سواء فى الغناء أو المسرح أو السينما أو الرواية... إلخ، كان تصويتاً عربياً جماعياً على أن أنفاس الحياة ما زالت نفحاتها فى جسد القوة الناعمة المصرية.

كان قد انتابنا شك، وصل إلى حد اليأس، بأن تلك القوة الناعمة قد توارت وخفت صوتها ومات تأثيرها، وأن زمن المتفرج الذى يلقى بنفسه تحت أقدام أم كلثوم على المسرح، والملك الذى يفخر بصداقته الشخصية لعبدالحليم، وسيطرة اللهجة المصرية على كل البيوت العربية من خلال السينما والدراما التليفزيونية... إلخ، كنا قد حسبنا أن هذا الزمن قد ولى وودعنا إلى غير رجعة، لكن حساباتنا خانها التوفيق فى تلك النقطة، لكننى رغم ذلك ما زلت أحس بالخطر المحدق، ليس من الخارج، حيث تتوارى وتخبو السلفية بالتدريج، بل من الداخل، حيث ينمو المزاج السلفى ويتضخّم لدى المصريين.

تأثير القوة الناعمة ما زال موجوداً، لكن الرهان على استمرار تأثيره إلى الأبد دون دعم من المبدع المصرى نفسه، ودون الاشتغال على تغيير هذا «المود» السلفى عالى النبرة، سيكون رهاناً خاسراً إذا اخترنا الكسل على رصيف الانتظار، نصفّق فقط، مطمئنين على أن مولد طاقة الدفع الذاتى سيجعل تلك القوة الناعمة خالدة، هذا سيظل اطمئناناً زائفاً إن لم نحافظ على روح القوة الناعمة، وهى ثقافة حب الحياة، تلك الثقافة التى تمنح المعنى والمغزى والدافع للقوة الناعمة، للإبداع، للفن، طغيان ثقافة الموت وسيطرة القبور وحبس طاقات البشر فى نعوش احتقار الجسد تحت اسم الزهد وتمجيد الحرب برفع شعار الجهاد، كل هذا سيخصم من رصيد القوة الناعمة، ويجعل ترتيب طابور القوى الناعمة يتغير ويتبدل.

لا يمكن أن نحافظ على قوتنا الناعمة، بينما القصص المقرّرة على الطلبة فى مناهجنا المدرسية كلها سيوف وحروب ودماء، لن نستطيع الاستمرار فى الحفاظ عليها ومنهج اللغة العربية مصبوغ بصبغة دينية متحيّزة، لو ظل يخرج من بيننا داعية فى الإعلام يكفّر الآخر ويتبنى نظرية فسطاط الإيمان فى مقابل فسطاط الكفر والولاء ضد البراء... إلخ.

ستتسرّب كل عناصر القوة الناعمة من ثقوب غربال التمييز الواسعة، إذا نشر المزاج الكاره للمرأة، المحتقر لها، ثقافته الفاشية الرجعية من تزويج الأطفال وقهر المرأة ببنود قانون أحوال شخصية يخصم كل مكتسباتها التى حاربت من أجلها عشرات السنين، وترسيخ دونيتها، حتى تقتنع، بل تستلذ بقيودها، إذا أردنا الاحتفاظ بقوتنا الناعمة التى أثبتت أنها أكبر كنز نفط وحقل غاز نملكه، لأنه ممتد الجذور فى الماضى السحيق، الذى يجعل نواتنا الثقافية دائماً بخير، مهما دخلتها فيروسات طارئة، ويجعل خصب أخضرنا حياً على الدوام مهما هاجمه لون الرمل الأصفر، إذا أردنا ذلك فلنرسخ ثقافة حب الحياة، ولا نجعل من إبداعنا وفننا وعناصر قوتنا الناعمة «الحيطة المايلة» لكل كاره أو معقّد يستخدمها كلوحة تنشين لسهامه المسمومة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القوة الناعمة وثقافة حب الحياة القوة الناعمة وثقافة حب الحياة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

منى زكي في إطلالة فخمة بالفستان الذهبي في عرض L'Oréal

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 03:18 2017 الخميس ,15 حزيران / يونيو

هند براشد تكشف عن مجموعة تصميماتها لصيف 2017

GMT 00:43 2016 الإثنين ,22 شباط / فبراير

6 حقائق قد لا تعرفها عن كواليس فيلم Deadpool

GMT 09:33 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

رحلة صعود وانهيار الجنيه المصري منذ 1977 وحتى قرار التعويم

GMT 23:15 2024 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

محمد صلاح يحتفل بظهوره "المئوي" مع منتخب مصر

GMT 17:58 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

محمد رمضان يتعاقد على حفل غنائي بدولة العراق
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon